﴿ولله﴾ أي: الملك الأعظم وحده ﴿ملك السموات والأرض﴾ أي: من الجنود وغيرها يدبر ذلك كله كيف يشاء ﴿يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء﴾ أي: لا اعتراض لأحد عليه لأنه لا يجب عليه شيء ولا يكافئه أحد وليس هو كالملوك الذين لا يتمكنون من مثل ذلك لكثرة الأكفاء المعارضين لهم في الجملة وعلم من هذا أنّ منهم من يرتدّ فيعذبه ومنهم من يثبت على الإسلام فيغفر له لأنه لا يعذب بغير ذنب وإن كان له أن يفعل ذلك لأنه لا يسئل عما يفعل وملكه تامّ فتصرفه فيه عدل كيف كان ﴿وكان الله﴾ أي: المحيط بصفات الكمال أزلاً وأبداً لم يتجدّد له شيء لم يكن ﴿غفوراً﴾ أي: لذنوب المسيئين ﴿رحيماً﴾ أي: مكرماً ما بعد الستر بما لا تسعه العقول وقدرته على الإنعام كقدرته على الانتقام.
﴿سيقول﴾ أي: بوعد لا خلف فيه ﴿المخلفون﴾ أي: الذين تخلفوا عن الحديبية ﴿إذا انطلقتم﴾ أي: سرتم أيها المؤمنون ﴿إلى مغانم لتأخذوها﴾ أي: مغانم خيبر. وذلك أنّ المؤمنين لما انصرفوا من الحديبية على صلح من غير قتال ولم يصيبوا من المغانم شيئاً وعدهم الله تعالى فتح خيبر وجعل غنائمها لم شهد الحديبية خاصة عوضاً عن غنائم أهل مكة حيث انصرفوا عنهم ولم يصيبوا منهم شيئاً ﴿ذرونا﴾ أي: على أيّ حالة شئتم من الأحوال الدنيئة ﴿نتبعكم﴾ أي: إلى خيبر لنشهد معكم قتال أهلها وفي هذا بيان كذب المخلفين عن الحديبية حيث قالوا شغلتنا أموالنا وأهلونا إذ لم يكن لهم هناك طمع في الغنيمة وهنا قالوا ذرونا نتبعكم حيث كان لهم طمع في الغنيمة ﴿يريدون﴾ أن بذهابهم معكم ﴿أن يبدّلوا كلام الله﴾ أي: يريدون أن يغيروا مواعيد الملك الأعظم لأهل الحديبية بغنيمة خيبر خاصة وهذا قول جمهور المفسرين.
(١١/١٠١)


الصفحة التالية
Icon