﴿لقد رضي الله﴾ أي: الذي له الجلال والكمال ﴿عن المؤمنين﴾ أي: الراسخين في الإيمان أي فعل بهم فعل الراضي بما جعل لهم من الفتح وما قدّر لهم من الثواب وأفهم ذلك أنه لم يرض عن الكافرين فخذلهم في الدنيا مع ما أعدّ لهم في الآخرة فالآية تقرير لما ذكر من جزاء الفريقين بأمور مشاهدة وقوله تعالى ﴿إذ﴾ أي: حين ﴿يبايعونك﴾ منصوب برضى واللام في قوله تعالى ﴿تحت الشجرة﴾ للعهد الذهني وكانت شجرة في الموضع الذي كان النبيّ ﷺ نازلاً به في الحديبية ولأجل هذا الرضا سميت بيعة الرضوان وقصتها «أنّ النبيّ عليه الصلاة والسلام حين نزل الحديبية بعث جواس بن أمية الخزاعي رسولاً إلى أهل مكة فهموا به فمنعه الأحابيش واحدها حبوش وهو الفوج من قبائل شتى فلما رجع دعا عمر ليبعثه فقال: إني أخافهم على نفسي لما أعرف من عدواتي إياهم وما بمكة عدوي يمنعني ولكن أدلك على رجل هو أعز بها مني وأحب إليهم عثمان بن عفان فبعثه فخبرهم أنه لم يأت لحرب وإنما جاء زائراً لهذا البيت معظماً لحرمته فوقروه وقالوا: إن شئت أن تطوف بالبيت فافعل فقال ما أفعل قبل أن يطوف به رسول الله ﷺ فاحتبس عندهم فأرجف أنهم قتلوه فقال رسول الله ﷺ لا نبرح حتى نناجز القوم ودعا الناس إلى البيعة فبايعوه تحت الشجرة» روى البغوي من طريق الثعلبي «أنّ النبيّ ﷺ قال لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة» وقال سعيد بن المسيب: حدثني أبي أنه كان فيمن بايع رسول الله ﷺ تحت الشجرة قال فلما خرجنا من العام المقبل نسيناها فلم نقدر عليها. وروي أنّ عمر مرّ بذلك المكان بعد أن ذهبت الشجرة فقال: أين كانت فجعل بعضهم يقول ههنا وبعضهم يقول ههنا فلما كثر اختلافهم قال سيروا قد ذهبت الشجرة. وروى جابر بن عبد الله قال: «قال لنا رسول الله ﷺ يوم الحديبية أنتم خير أهل الأرض وكنا ألفاً وأربعمائة


الصفحة التالية
Icon