وقوله تعالى: ﴿ليدخل الله﴾ أي: الذي له جميع صفات الكمال متعلق بمقدّر أي كان انتفاء التسليط على أهل مكة وانتفاء العذاب ليدخل الله. قال البغوي: اللام في ﴿ليدخل﴾ متعلق بمحذوف دل عليه معنى الكلام يعني ليدخل الله ﴿في رحمته﴾ أي: في إكرامه وإنعامه ﴿من يشاء﴾ بعد الصلح قبل أن يدخولها من المشركين بأن يعطفهم إلى الإسلام، ومن المؤمنين بأن يستنقذهم منهم على أرفق وجه. وقوله تعالى: ﴿لو تزيلوا﴾ يجوز أن يعود على المؤمنين فقط أو على الكافرين أو على الفريقين والمعنى لو تميز هؤلاء من هؤلاء ﴿لعذبنا﴾ أي: بأيديكم بتسليطنا لكم عليهم بالقتل والسبي ﴿الذين كفروا﴾ أي: أوقعوا ستر الإيمان ﴿منهم﴾ أي: أهل مكة ﴿عذاباً أليماً﴾ أي شديد الإيجاع. قال قتادة: في الآية أنّ الله تعالى يدفع بالمؤمنين عن الكافرين كما دفع بالمستضعفين من المؤمنين عن مشركي مكة ولما بين شرط استحقاقهم للعذاب بين وقته وفيه بيان العلة.
فقال تعالى: ﴿إذ﴾ أي: حين ﴿جعل الذين كفروا﴾ أي: ستروا ما تراءى من الحق في مرائي عقولهم وقوله تعالى: ﴿في قلوبهم﴾ أي: في قلوب أنفسهم يجوز أن يتعلق بجعل على أنها بمعنى ألقى فتتعدّى لواحد أي إذ ألقى الكافرون في قلوبهم الحمية وأن يتعلق بمحذوف على أنه مفعول ثان قدّم على أنها بمعنى صير ﴿الحمية﴾ أي: المنع الشديد والإباء الذي هو في شدّة حرّه ونفوذه في أشدّ الأجسام كالسمّ والنار وأنشدوا:

*إلا إنني منهم وعرضي عرضهم كذا الرأس يحمي أنفه أن يهشما*
(١١/١٢١)


الصفحة التالية
Icon