﴿فأنزل الله﴾ أي: الذي لا يغلبه شيء وهو يغلب كل شيء بسبب حميتهم ﴿سكينته﴾ أي: الشيء اللائق إضافته إليه سبحانه من الفهم عن الله والروح الموجب لسكون القلب المؤثر للإقدام على العدوّ والنصر عليه انزالاً كافياً ﴿على رسوله﴾ الذي عظمته من عظمته ففهم عن الله مراده في هذه القضية فجرى على أتم ما يرضيه ﴿وعلى المؤمنين﴾ أي: الغريقين في الإيمان لأنهم أتباع رسوله وأنصار دينه فألزمهم قبول أمره وحماهم من همزات الشياطين ولم يدخلهم ما دخل الكفار من الحمية فيقاتلوا غضباً لأنفسهم فيتعدوا حدود الشرع ﴿وألزمهم﴾ أي: المؤمنين إلزام إكرام وتشريف لا إلزام إهانة وتعنيف ﴿كلمة التقوى﴾ فإنها السبب الأقوى وهي كل قول أو فعل ناشىء عن التقوى وأعلاه كلمة الإخلاص المتقدّمة في القتال وهي لا إله إلا الله التي هي أحق الحق ولا بدّ من قول محمد رسول الله وإلا لم يتم إسلامه وعن الحسن: كلمة التقوى هي الوفاء بالعهد. ومعنى إضافتها إلى التقوى إنها سبب التقوى وأساسها، وقيل: كلمة أهل التقوى وقيل هي بسم الله الرحمن الرحيم ومحمد رسول الله ﴿وكانوا﴾ أي: جبلة وطبعاً ﴿أحق بها﴾ أي: كلمة التقوى من الكفار ﴿وأهلها﴾ أي: وكانوا أهلها في علم الله تعالى لأنّ الله تعالى اختار لدينه وصحبة نبيه أهل الخير ﴿وكان الله﴾ أي: المحيط علماً وقدرةً ﴿بكل شيء﴾ من ذلك وغيره ﴿عليماً﴾ أي: محيط العلم وروي «أنه ﷺ رأى في المنام في المدينة عام الحديبية قبل خروجه أنه يدخل مكة هو وأصحابه آمنين ويحلقون ويقصرون فأخبر بذلك أصحابه ففرحوا فلما خرجوا معه وصدّهم الكفار بالحديبية رجعوا وشق عليهم ذلك وراب بعض المنافقين فأنزل الله».
(١١/١٢٣)