وقوله تعالى: ﴿لا تخافون﴾ أي: لا يتجدّد لكم خوف بعد ذلك يجوز أن يكون مستأنفاً وأن يكون حالاً ثالثة أمّا من فاعل لتدخلنّ أو من ضمير آمنين أو محلقين أو مقصرين فإن كانت حالاً من آمنين أو حالاً من فاعل لتدخلنّ فهي حال للتوكيد وآمنين حال مقارنة وما بعدها حال مقدّرة إلا قوله ﴿لا تخافون﴾ إذا جعل حالاً فإنها مقدّرة أيضاً فإن قيل: قوله تعالى: ﴿لا تخافون﴾ معناه غير خائفين وذلك يحصل بقوله تعالى: ﴿آمنين﴾ أجيب: بأنّ فيه كمال الأمن لأنّ بعد الحلق يخرج الإنسان عن الإحرام فلا يحرم عليه القتال وكان عند أهل مكة يحرم قتال من أحرم ومن دخل الحرم. فقال تدخلون آمنين وتحلقون ويبقى أمنكم بعد خروجكم من الإحرام ﴿فعلم﴾ أي: الله في الصلح من المصلحة ﴿ما لم تعلموا﴾ من المصالح فإنّ الصلاح كان في الصلح وإنّ دخولكم في سنتكم سبب لوطء المؤمنين والمؤمنات وهو قوله تعالى: ﴿ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات﴾ (الفتح: ٢٥)
الآية.
فإن قيل: الفاء في قوله تعالى: ﴿فعلم﴾ فاء التعقيب فقوله تعالى: ﴿فعلم﴾ وقع عقب ماذا أجيب: بأنه إن كان المراد من ﴿فعلم﴾ وقت الدخول فهو عقب صدق وإن كان المراد فعلم المصلحة فالمراد علم الوقوع والشهادة لا علم الغيب والتقدير لما حصلت المصلحة في العام القابل فعلم ما لم تعلموا من المصلحة المتجدّدة ﴿فجعل﴾ أي: بسبب إحاطة علمه ﴿من دون﴾ أي: أدنى رتبة من ﴿ذلك﴾ أي: الدخول العظيم في هذا العام ﴿فتحاً قريباً﴾ يقويكم به من فتح خيبر ووضع الحرب بين العرب بهذا الصلح واختلاط بعض الناس بسبب ذلك ببعض الموجب لإسلام ناس كثيرة تتقوون بهم فتكون تلك الكثرة والقوّة بسبب هيبة الكفار المانعة لهم من القتال فقتل القتلى ترفقاً بأهل حرم الله إكراماً لهذا النبيّ الكريم صلى الله عليه وسلم
وقوله تعالى:
(١١/١٢٦)