﴿يعجب الزرّاع﴾ قال: المؤمنون ﴿ليغيظ بهم الكفار﴾ قول عمر لأهل مكة بعدما أسلم: لا يعبد الله سراً بعد اليوم روى أنس بن مالك عن النبيّ ﷺ قال: «أرحم أمّتي أبو بكر، وأشدّهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأفرضهم زيد، وأقرؤهم أبيّ، وأعلمهم بالحرام والحلال معاذ بن جبل، ولكل أمّة أمين وأمين هذه الأمّة أبو عبيدة بن الجرّاح» وفي رواية أخرى وأقضاهم علي وروى بريدة عن النبيّ ﷺ قال: «من مات من أصحابي بأرض كان نورهم وقائدهم يوم القيامة».
تنبيه: يعجب حال أي معجباً وهنا تم الكلام.
وقوله تعالى ﴿ليغيظ بهم الكفار﴾ فيه أوجه: أحدها: أنه متعلق بمحذوف دل عليه تشبيههم بالزرع في نمائهم وقوّتهم. قال الزمخشري: أي شبههم الله تعالى بذلك ليغيظ. ثانيها: أنه متعلق بما دل عليه قوله تعالى ﴿أشدّاء﴾ متعلق على الكفار الخ أي: جعلهم بهذه الصفات ليغيظ. ثالثها: أنه متعلق بقوله تعالى: ﴿وعد الله﴾ أي: الملك الأعظم ﴿الذين آمنوا﴾ لأنّ الكفار إذا سمعوا بعزة المؤمنين في الدنيا وما أعدّ الله لهم في الآخرة غاظهم ذلك. وقوله تعالى: ﴿وعملوا الصالحات﴾ فيه إشارة إلى تصديق دعواهم ومن في قوله تعالى: ﴿منهم﴾ للبيان لا للتبعيض لأنهم كلهم كذلك فهي كقوله تعالى: ﴿فاجتنبوا الرجس من الأوثان﴾ (الحج: ٣٠)
ولما كان الإنسان وإن اجتهد مقصراً عما يجب لله تعالى من العبادة. أشار إلى ذلك بقوله تعالى: ﴿مغفرة﴾ أي: لما يقع منهم من الذنوب والهفوات ﴿وأجراً عظيماً﴾ بعد ذلك الستر وهو الجنة. وهما أيضاً لمن بعدهم ممن يأتي.
فائدة قد جمعت هذه الآية الخاتمة لهذه السورة جميع حروف المعجم وفي ذلك بشارة تلويحية مع ما فيها من البشائر التصريحية باجتماع أمرهم وعلوّ نصرهم رضى الله عنهم وحشرنا معهم نحن ووالدينا ومحبينا وجميع المسلمين بمنه وكرمه.
(١١/١٣٢)