فقال له: إنّ رسول الله ﷺ يدعوك. فقال: اكسر الضبة فأتيا رسول الله ﷺ فقال له النبيّ ﷺ ما يبكيك يا ثابت فقال: أنا ميت فأخاف أن تكون هذه الآية نزلت فيّ فقال له رسول الله ﷺ أما ترضى أن تعيش حميداً وتقتل شهيداً وتدخل الجنة. فقال: رضيت ببشرى الله ورسوله لا أرفع صوتي أبداً على رسول الله ﷺ فأنزل الله عز وجل.
﴿إنّ الذين يغضون﴾ أي: يخفضون ويلينون لما وقع عليهم من السكينة من هيبة حضرته قال الطبريّ وأصل الغض الكف في لين ﴿أصواتهم﴾ تخشعاً وتخضعاً ورعايةً للأدب وتوقيراً ﴿عند رسول الله﴾ أي الذي من شأنه أن يعلو كلامه على كل كلام، لأنه مبلغ عن الملك الأعظم وعبر بعند الذي للظاهر إشارة إلى أنّ أهل حضرة الخصوصية لا يقع منهم إلا أكمل الأدب ﴿أولئك﴾ أي عالو الرتبة ﴿الذين امتحن الله﴾ أي: فعل المحيط بجميع صفات الكمال فعل المختبر ﴿قلوبهم للتقوى﴾ أي: اختبرها وأخلصها لتظهر منهم من امتحن الذهب إذا أذابه وميز إبريزه من خبثه. فإنّ الامتحان اختبار بليغ يؤدّي إلى خبر فالمعنى أنه طهر قلوبهم ونقاها كما يمتحن الصائغ الذهب والفضة بالإذابة والتنقية والتخليص من كل غش لأجل إظهار ما بطن فيها من التقوى ليصير معلوماً للخلق في عالم الشهادة، كما كان له سبحانه في عالم الغيب. ﴿لهم مغفرة﴾ أي: لهفواتهم وزلاتهم ﴿وأجر عظيم﴾ لغضهم وسائر طاعاتهم. والتنكير للتعظيم.
(١١/١٣٨)