(١١/١٧٦)
حكاية عنهم مبالغين في الإنكار بافتتاح إنكارهم باستفهام إنكاري.
﴿أءذا متنا﴾ ففارقت أرواحنا أبداننا ﴿وكنا تراباً﴾ لا فرق بينه وبين تراب الأرض ولما كان العامل في الظرف ما تقديره نرجع دل عليه بقوله تعالى دالاً بالإشارة بأداة البعد إلى عظيم استبعادهم ﴿ذلك﴾ أي: الأمر الذي في غاية البعد وهو مضمون الخبر برجوعنا ﴿رجع﴾ أي: ردّ إلى ما كنا عليه ﴿بعيد﴾ جدّاً لأنه لا يمكن تمييز ترابنا من بقية التراب وقرأ قالون وأبو عمرو بتسهيل الهمزة الثانية وهي المكسورة وإدخال ألف بينها وبين الهمزة الأولى المفتوحة وقرأ ورش وابن كثير بتسهيل الثانية من غير إدخال وقرأ الباقون بتحقيقهما وأدخل هشام بينهما ألفاً بخلاف عنه والباقون بغير إدخال وكسر الميم من متنا نافع وحفص وحمزة والكسائي والباقون بالضم وقوله تعالى:
﴿قد علمنا﴾ أي: بما لنا من العظمة ﴿ما تنقص الأرض منهم﴾ أي: تأكل من أجزائهم المتحللة من أبدانهم بعد الموت. وقبله رد لاستبعادهم لأنّ من لطف علمه حتى تغلغل إلى ما تنقص الأرض من أجزاء الموتى وتأكله من لحومهم وعظامهم كان قادراً على رجعهم أحياءً كما كانوا وعنه عليه الصلاة والسلام «كل ابن آدم يبلي إلا عجب الذنب» وعن السدّي ما تنقص الأرض منهم من يموت منهم ومن يبقى. وهذه الآية تدل على جواز البعث وقدرته تعالى عليه لأنّ الله تعالى عالم بأجزاء كل واحد من الموتى لا يشتبه عليه جزء واحد بجزء الآخر قادر على الجمع والتأليف فليس الرجع منه ببعيد وهذا كقوله تعالى: ﴿وهو الخلاق العليم﴾ (يس: ٨١)
(١١/١٧٧)