﴿وجاءت﴾ أي: فيه ﴿كل نفس﴾ أي مكلفة ﴿معها سائق﴾ أي ملك يسوقها إليه ﴿وشهيد﴾ يشهد عليها بعملها. قال الضحاك: السائق من الملائكة والشاهد من أنفسهم وهو الأيدي والأرجل وغيرها وهي رواية العوفي عن ابن عباس رضى الله عنهما وقيل: هما جميعاً من الملائكة، فالسائق كما قيل لا تعلق له بالشهادة لئلا تقول تلك النفس أنه خصم والخصم لا تقبل شهادته وقيل السائق هو الذي يسوقه إلى الموقف ومنه إلى مقعده. والشهيد هو الكاتب والسائق لازم للبرّ والفاجر أما البر فيساق إلى الجنة وأما الفاجر فإلى النار قال تعالى: ﴿وسيق الذين كفروا﴾ (الزمر: ٧١)
وقال تعالى: ﴿وسيق الذين اتقوا﴾ (الزمر: ٧٣)
والشهيد يشهد عليها بما عملت. تنبيه: يجوز في جملة معها سائق وشهيد أن تكون في موضع جر صفة لنفس، وأن تكون في موضع رفع صفة لكل، وأن تكون في موضع نصب على الحال من كل.
ويقال للكافر.
﴿لقد كنت﴾ أي: كوناً كأنه جبلة لك ﴿في غفلة﴾ أي: عظيمة محيطة بك ناشئة لك ﴿من هذا﴾ أي: من تصوّر هذا اليوم على ما هو عليه من انقطاع الأسباب والجزاء بالثواب أو العقاب لأنه على شدّة جلائه خفي على من اتبع الشهوات ﴿فكشفنا﴾ بعظمتنا بالموت ثم البعث ﴿عنك غطاءك﴾ الذي كان في الدنيا على قلبك وسمعك وبصرك من الغفلة بالآمال في الحال والمآل وسائر الحظوظ والشهوات ﴿فبصرك اليوم﴾ أي بعد البعث ﴿حديد﴾ أي في غاية الحدّة والنفوذ فلذا تقرّ بما كنت تنكر في الدنيا. وقال مجاهد: يعني نظرك إلى لسان ميزانك حين توزن حسناتك وسيئاتك. والمعنى: أزلنا غفلتك فبصرك اليوم جديد وكان من قبل كليلاً.
واختلف في القرين في قوله تعالى:
(١١/١٨٩)