وقوله تعالى: ﴿ومن الليل فسبحه﴾ إشارة إلى زلفى من الليل وتقريره أنه ﷺ كان مشتغلاً بأمرين أحدهما عبادة الله تعالى والثاني هداية الخلق فإذا لم يهتدوا قيل له أقبل على شغلك الآخر وهو العبادة قبل الطلوع وقبل الغروب، لأنهما وقتا اجتماعهم ويكون المراد بقوله تعالى: ومن الليل أوّله لأنه أيضاً وقت اجتماعهم وقال أكثر المفسرين قبل طلوع الشمس صلاة الصبح وقبل الغروب الظهر والعصر ومن الليل العشاءان والتهجد ﴿وأدبار السجود﴾ التنقل بعد المكتوبات وقيل: الوتر بعد العشاء وقال مجاهد ومن الليل: يعني صلاة الليل أيّ وقت صلى. وقرأ نافع وابن كثير وحمزة بكسر الهمزة على أنه مصدر قام مقام ظرف الزمان كقولهم آتيك خفوق النجم وخلافة الحجاج ومعنى وقت إدبار الصلاة أي انقضائها وتمامها والباقون بالفتح جمع دبر وهو آخر الليل وعقبها ومنه قول أوس:

*على دبر الشهر الحرام بأرضنا وما حولها جدب سنون تلمع*
(١١/٢٠٢)
ولم يختلفوا في وأدبار النجوم وقوله تعالى: وأدبار معطوف إما على قبل الغروب وإما على من الليل وقال عمر بن الخطاب وعليّ بن أبي طالب رضي الله عنهما: إدبار السجود الركعتان بعد صلاة المغرب وإدبار النجوم الركعتان قبل صلاة الفجر وهي رواية العوفيّ عن ابن عباس رضي الله عنهما وروي عنه مرفوعاً. قال البغوي: هذا قول أكثر المفسرين عن عائشة رضي الله عنها قالت: «ما كان رسول الله ﷺ على شيء من النوافل أشد معاهدة منه على الركعتين أمام الصبح» وعن عائشة قالت: قال رسول الله ﷺ «ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها» يعني بذلك سنة الفجر وعن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه «ما أحصي ما سمعت رسول الله ﷺ يقرأ في الركعتين بعد المغرب والركعتين قبل الفجر بقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد» وعن مجاهد وأدبار السجود: هو التسبيح باللسان في أدبار الصلوات المكتوبات.


الصفحة التالية
Icon