﴿فالجاريات﴾ أي: السفن، وقيل: الرياح الجارية في مهابها، وقيل الكواكب التي تجري في منازلها، وقوله تعالى: ﴿يسراً﴾ أي: بسهولة، مصدر في موضع الحال أي ميسرة.
(١١/٢٠٦)
﴿فالمقسّمات﴾ أي الملائكة التي تقسم الأرزاق والأمطار وغيرها بين العباد والبلاد وقوله تعالى: ﴿أمراً﴾ يجوز أن يكون مفعولاً به كقولك: فلان قسم الرزق أو المال، وأن يكون حالاً، أي: مأمورة، وهذه أشياء مختلفة فتكون الفاء على بابها من عطف المتغايرات والفاء للترتيب في القسم لا في المقسم به، قال الزمخشريّ: ويجوز أن يراد الرياح وحدها؛ لأنها تنشىء السحاب وتقله وتصرفه وتجري في الجوّ جرياً سهلاً، وعلى هذا يكون من عطف الصفات والمراد واحد فتكون الفاء على هذا لترتيب الأمور في الوجود وعن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه قال وهو على المنبر: سلوني، قبل أن لا تسألوني، ولن تسألوا بعدي مثلي فقام ابن الكواء فقال: ما الذاريات؟ قال: الرياح، قال: فالحاملات وقراً قال: السحاب، قال: فالجاريات يسراً، قال: الفلك قال: فالمقسمات أمراً، قال: الملائكة وكذا عن ابن عباس وعن الحسن المقسمات السحاب يقسم الله تعالى بها أرزاق العباد وقد حملت على الكواكب السبعة، ويجوز أن يراد الرياح لا غير، لأنها تنشىء السحاب وتقله وتصرفه وتجري في الجوّ جرياً سهلاً وتقسم الأمطار بتصريف السحاب.
فإن قيل: إن كان وقراً مفعولاً فلم لم يجمع؟ وقيل: أوقاراً أجيب بأن جماعة من الرياح قد تحمل وقراً واحداً وكذا القول في المقسمات أمراً إذا قيل إنه مفعول به لأنّ جماعة من الملائكة قد تجتمع على أمر واحد.
فائدة: أقسم الله تعالى بجمع السلامة المؤنث في خمس سور ولم يقسم بجمع السلامة المذكر في سورة أصلاً فلم يقل والصالحين من عبادي ولا المقربين إلى غير ذلك مع أنّ المذكر أشرف لأن جموع السلامة بالواو والنون في الغالب لمن يعقل


الصفحة التالية
Icon