ومعنى آخذين: قابضين ما آتاهم شيئاً فشيئاً ولا يستوفونه بكماله لامتناع استيفاء ما لا نهاية له وقيل: قابلين قبول رضا كقوله تعالى ﴿ويأخذ الصدقات﴾ (التوبة: ١٠٤)
أي يقبلها قاله الزمخشريّ وقوله تعالى: ﴿إنهم كانوا قبل ذلك محسنين﴾ إشارة إلى أنهم أخذوها بثمنها وملكوها بالإحسان في الدنيا، والإشارة بذلك إما لدخول الجنة وإما لإيتاء الله تعالى وإمّا ليوم الدين والإحسان يكون في معاملة الخالق والخلائق وقيل: هو قول لا إله إلا الله ولهذا قيل. في معنى كلمة التقوى: إنها لا إله إلا الله وفي قوله تعالى: ﴿ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله﴾ (فصلت: ٣٣)
وقوله تعالى: ﴿هل جزاء الإحسان إلا الإحسان﴾ (الرحمن: ٦٠)
هو الإتيان بكلمة لا إله إلا الله.
ثم فسر إحسانهم معبراً عنه بما هو في غاية المبالغة بقوله تعالى:
(١١/٢١١)
﴿كانوا﴾ أي لما عندهم من الإجلال له والحب فيه بحيث كأنهم مطبوعين فيه ﴿قليلاً من الليل﴾ الذي هو وقت الراحات وقضاء الشهوات ﴿ما يهجعون﴾ أي يفعلون الهجوع وهو النوع الخفيف القليل بالليل فما ظنك بما فوقه فما مزيدة ويهجعون خبر كان وقليلاً ظرف أي: ينامون في زمن يسير من الليل ويصلون أكثره، وقال ابن عباس رضي الله عنه كانوا قلّ ليلة تمر بهم إلا صلوا فيها شيئاً إما من أوّلها أو من وسطها، وعن أنس بن مالك كانوا يصلون من المغرب إلى العشاء، وقال محمد بن علي: كانوا لا ينامون حتى يصلون العتمة، وقال مطرف بن عبد الله: قلّ ليلة أتت عليهم هجوعاً كلها وقال مجاهد: كانوا لا ينامون كل الليل.
ووقف بعضهم على قليلاً ليؤاخي بها قوله تعالى ﴿وقليل ما هم﴾ (ص: ٢٤)
و﴿قليل من عبادي الشكور﴾ (سبأ: ١٣)


الصفحة التالية
Icon