﴿قالوا كذلك﴾ أي مثل ما قلنا من هذه البشرى العظيمة ﴿قال ربك﴾ أي المحسن إليك بتأهيلك لذلك على ما ذكرت من حالك وبتأهيلك من قبل الاتصال بخليله ﷺ ﴿إنه هو﴾ أي: وحده ﴿الحكيم﴾ أي: الذي يضع الأشياء في أحق مواضعها ﴿العليم﴾ المحيط العلم، فهو لذلك لا يعجزه شيء.
ثم بين سبحانه وتعالى ما كان من حال إبراهيم وحال الملائكة بعد ذلك بقوله تعالى.
﴿قال﴾ أي إبراهيم عليه السلام مسبباً عما رأى من حالهم وأنّ اجتماع الملائكة على تلك الحالة لم يكن لهذه البشارة فقط ﴿فما خطبكم﴾ أي: خبركم العظيم ﴿أيها المرسلون﴾ أي لأمر عظيم وهذا أيضاً من آداب المضيف إذا بادر الضيف بالخروج قال له: ما هذه العجلة وما شأنك لأنّ في سكوته ما يوهم اشتغاله، ثم إنهم أتوا بما هو من آداب الصديق الذي لا يسرّ عن الصديق شيئاً وكان ذلك بإذن الله تعالى لهم في إطلاع إبراهيم عليه السلام على إهلاكهم وجبر قلبه بتقديم البشارة بأبي الأنبياء إسحاق عليه السلام.
فإن قيل: فما الذي اقتضى ذكره بالفاء ولم لا قال: ما هذا الاستعجال وما خطبكم المعجل لكم. أجيب: بأنه لما أوجس منهم خيفة لو خرجوا من غير بشارة وإيناس فلما آنسوه قال: فما خطبكم، أي: بعد هذا الأنس العظيم ما هذا الإ يحاش الأليم.
(١١/٢٢٢)
﴿قالوا﴾ قاطعين بالتأكيد بأنّ مضمون خبرهم حتم لا بدّ منه ولا مدخل للشفاعة فيه ﴿إنا أرسلنا﴾ أي: بإرسال من تعلم ﴿إلى قوم مجرمين﴾ أي: هم في غاية القوّة على ما يحاولونه، وقد صرفوا ما أنعم الله تعالى به عليهم من القوّة في قطع ما يحق وصله، ووصل ما يحق قطعه يعنون قوم لوط.
﴿لنرسل عليهم﴾ أي: من السماء التي فيها ما وعد العباد به وتوعدوا ﴿حجارةً من طين﴾ أي: مهيأ للإحراق والاحتراق.


الصفحة التالية
Icon