﴿وأمددناهم﴾ أي: الذين آمنوا والمتقين ومن ألحق بهم من ذرياتهم بما لنا من العظمة ﴿بفاكهة﴾ وقتاً بعد وقت زيادة على ما تقدم، ولما كانت الفاكهة ظاهرة فيما نعرفه في الدنيا وإن كان عيش الجنة بجميع الأشياء تفكهاً ليس فيه شيء يقصد به حفظ البدن قال تعالى: ﴿ولحم مما يشتهون﴾ من أنواع اللحمان والمعنى: زدناهم مأكولاً ومشروباً فالمأكول الفاكهة واللحم، والمشروب الكأس وفي هذا لطيفة: وهي أنه تعالى لما قال ﴿وما ألتناهم من عملهم من شيء﴾ ونفي النقصان يصدق بحصول المساوي فقال ليس عدم النقصان بالاقتصار على المساوي بل بالزيادة والإمداد.
وقوله تعالى: ﴿يتنازعون﴾ في موضع نصب على الحال من مفعول أمددناهم ويجوز أن يكون مستأنفاً وقوله تعالى: ﴿فيها﴾ يجوز أن يعود الضمير لشربها ويجوز أن يعود للجنة ومعنى يتنازعون يتعاطون، ويحتمل أن يقال: التنازع التجاذب ويكون تجاذبهم تجاذب ملاعبة لا تجاذب منازعة وفيه نوع لذة لأنهم يفعلون ذلك هم وجلساؤهم من أقربائهم وإخوانهم ﴿كأساً﴾ أي: خمراً من رقة حاشيتها تكاد أن لا ترى في كأسها ﴿لالغو﴾ أي: لا سقط حديث وهو ما لا ينفع من الكلام ولا يضر ﴿فيها﴾ أي: في تنازعها ولا بسببها لأنها لا تذهب بعقولهم فلا يتكلمون إلا بالحسن الجميل بخلاف المتنادمين في الدنيا على الشراب بسفههم وعربدتهم ﴿ولا تأثيم﴾ أي: لا يكون منهم ما يؤثمهم وقال الزجاج: لا يجري منهم ما يلغي ولا ما فيه إثم كما يجري في الدنيا لشربة الخمر قال الرازي: ويحتمل أن يكون المراد من التأثيم السكر وقيل: لا يأثمون في شربها، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بنصب لغو وتأثيم من غير تنوين، والباقون بالرفع فيهما مع التنوين.
(١١/٢٥١)


الصفحة التالية
Icon