تنبيه: الغي جهل عن اعتقاد فاسد بخلاف الضلال، وذهب أكثر المفسرين إلى أن الغي والضلال بمعنى واحد وفرق بعضهم بينهما فقال: الضلال في مقابلة الهدى، والغي في مقابلة الرشد قال تعالى: ﴿قد تبين الرشد من الغي﴾ (البقرة: ٢٥٦)
وقال تعالى ﴿وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلاً وإن يروا سبيل الغيّ يتخذوه سبيلاً﴾ (الأعراف: ١٤٦)
قال الرازي: وتحقيق القول فيه أنّ الضلال أعم استعمالاً في الوضع تقول: ضل بعيري ورحلي ولا تقول غيّ.
فائدة: قد دافع الله سبحانه عن نبينا محمد ﷺ وأمّا باقي الأنبياء فدافعوا عن أنفسهم ليس بي ضلالة ليس بي سفاهة ونحو ذلك قاله القشيري فإن قيل: كيف الجمع بين قوله تعالى: ﴿ما ضلّ صاحبكم﴾ وبين قوله تعالى: ﴿ووجدك ضالاً فهدى﴾ (الضحى: ٧)
أجيب: بأنّ المراد من الآية الآتية وجدك ضالاً عما أنت عليه الآن من الشريعة فهداك إليها بخلاف هذه الآية.
﴿وما ينطق﴾ أي: يجاوز نطقه فمه في وقت من الأوقات لا في هذا الحال ولا في الاستقبال نطقاً ناشئاً ﴿عن الهوى﴾ أي: عن أمره كالكهان الذين يغلب كذبهم صدقهم، والشعراء وغيرهم وما يقول هذا القرآن من عند نفسه.
﴿إن﴾ أي: ما ﴿هو﴾ أي: الذي يتكلم به من القرآن وكلّ أقواله وأفعاله وأحواله ﴿إلا وحي﴾ أي: من الله تعالى وأكده بقوله تعالى: ﴿يوحى﴾ أي: يجدد إليه إيحاؤه منا وقتاً بعد وقت.
تنبيه: استدل بهذه الآية من لا يرى الاجتهاد للأنبياء، وأجيب: بأنّ الله تعالى إذا سوغ لهم الاجتهاد كان الاجتهاد وما يستند إليه كله وحياً لا نطقاً عن الهوى.
(١١/٢٦٨)