وقدم صحف موسى عليه السلام على قوله: ﴿وإبراهيم﴾ أي: وصحفه لأنّ كتاب موسى عليه السلام أعظم كتاب بعد القرآن مع أنه موجود بين الناس تمكن مراجعته، ثم مدح إبراهيم عليه السلام بقوله تعالى: ﴿الذي وفى﴾ أي: أتم ما أمر به من ذلك تبليغ الرسالة واستقلاله بأعباء النبوة وقيامه بأضيافه وخدمتهم إياه بنفسه، وإنه كان يخرج كل يوم فيمشي فرسخاً يرتاد ضيفاً فإن وافقه أكرمه وإلا نوى الصوم وعن الحسن: ما أمر الله تعالى بشيء إلا وفى به وصبر على ما امتحن به، وما قلق شيئاً من قلق وصبر على حر ذبح الولد وعلى حر النار ولم يستعن بمخلوق بل قال لجبريل عليه السلام لما قال له: ألك حاجة قال: أما إليك فلا وقال الضحاك: وفي المناسك، وروي عن النبيّ ﷺ أنه قال «إبراهيم الذي وفى أربع ركعات من أول النهار» وهي صلاة الضحى وروي «ألا أخبركم لم سمى الله خليله الذي وفى كان يقول: إذا أصبح وأمسى فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون إلى تظهرون» وقيل: وفى سهام الإسلام وهي ثلاثون عشرة في التوبة ﴿التائبون...﴾ (التوبة: ١١٢)، وعشرة في الأحزاب ﴿إنّ المسلمين...﴾ (الأحزاب: ٣٥)، وعشرة في المؤمنون، ﴿قد أفلح المؤمنون﴾ (المؤمنون: ١)
وخص هذين النبيين لأنّ الموعودين من بني إسرائيل اليهود والنصارى يدعون متابعة موسى عليه السلام، ومن العرب يدعون متابعة إبراهيم عليه السلام ومن عداهم لا متمسك لهم ولا سلف في نبوّة محققة ولا شريعة محفوظة، وقرأ هشام بفتح الهاء وألف بعدها والباقون بكسر الهاء وياء بعدها.
(١١/٢٩٥)