وقال الحسن ومجاهد: النجم نجم السماء وسجوده في قول مجاهد دوران ظله؛ وقيل: سجود النجم أفوله وسجود الشجر إمكان الاجتناء لثمارها حكاه الماوردي.
وقال النحاس: أصل السجود في اللغة الاستسلام والانقياد لله عز وجل فهو من الموات كلها استسلامها لأمر الله عز وجل وانقيادها له، ومن الحيوان كذلك.
فإن قيل: كيف اتصلت هاتان الجملتان بالرحمن؟ أجيب بأنه استغنى فيهما عن الوصل اللفظي بالوصل المعنوي لما علم أنّ الحسبان حسبانه والسجود له لا لغيره كأنه قيل الشمس والقمر بحسبانه والنجم والشجر يسجدان له.
فإن قيل: أي تناسب بين هاتين الجملتين حتى وسط بينهما العاطف؟ أجيب: بأنّ الشمس والقمر سماويان والنجم والشجر أرضيان فبين القبيلين تناسب من حيث التقابل، فإن السماء والأرض لا تزالان تذكران قرينتين، وأنَّ جرى الشمس والقمر بحسبان من جنس الانقياد لأمر الله تعالى فهو مناسب لسجود النجم والشجر.
﴿والسماء﴾ أي: ورفع السماء ثم فسر ناصبها فيكون كالمذكور مرتين إشارة إلى عظيم تدبيره لشدّة ما فيها من الحكم فقال تعالى: ﴿رفعها﴾ أي حسا قال البقاعي: بعدما كانت ملتصقة بالأرض ففتقها وأعلاها عنها؛ وقال الزمخشري وتبعه البيضاوي: خلقها مرفوعة؛ قال البيضاوي: محلاً ورتبه، وقال الزمخشري: حيث جعلها منشأ أحكامه ومصدر قضاياه ومتنزل أوامره ونواهيه ومسكن ملائكته الذين يهبطون بالوحي على أنبيائه، ونبه بذلك على كبرياء شأنه وملكه وسلطانه.
(١١/٣٤٥)


الصفحة التالية
Icon