﴿فإذا انشقت السماء﴾ أي: انفرجت، فكانت أبواباً لنزول الملائكة ﴿فكانت وردة﴾ أي: محمرّة مثل الوردة ﴿كالدهان﴾ أي: كالأديم الأحمر على خلاف العهد بها لشدّة حرّ نار جهنم. وقال مجاهد والضحاك وغيرهما: الدهان الدهن والمعنى صارت في صفاء الدهن؛ والدهان على هذا جمع دهن. وقال سعيد بن جبير وقتادة: المعنى تصير في حمرة الورد وجريان الدهن، أي: تذوب مع جريان الدهن حتى تصير حمراء من حرارة نار جهنم، وتصير مثل الدهن لرقتها وذوبانها؛ وقال الحسن: كصب الدهن فإنك إذا صببته ترى فيه ألواناً؛ وجواب إذا فما أعظم الهول.
﴿فبأي آلاء﴾ أي: نعم ﴿ربكما﴾ أي: الخالق والرازق لكما ﴿تكذبان﴾ أبتلك النعم أم بغيرها مما يكون بعد ذلك؟.
(١١/٣٦٨)
﴿فيومئذ﴾ أي: فتسبب عن يوم إذ انشقت السماء أنه ﴿لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جانّ﴾ أي: سؤال تعرّف واستعلام، بل سؤال تقريع وتوبيخ وملام، وذلك أنه لا يقال له هل فعلت كذا؟ بل يقال له لم فعلت كذا؟ على أنّ ذلك اليوم طويل وهو ذو ألوان تارة يسأل فيه، وتارة لا يسأل والأمر في غاية الشدّة وكل لون من تلك الألوان يسمى يوماً فيسأل في بعض ولا يسأل في بعض وقيل: المعنى ألا يسألون إذا استقروا في النار. وقال الحسن وقتادة: لا يسألون عن ذنوبهم لأنّ الله تعالى حفظها عليهم وكتبتها الملائكة؛ رواه العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما. وعن الحسن ومجاهد: لا تسأل الملائكة عنهم لأنهم يعرفونهم بسيماهم؛ دليله قوله تعالى: ﴿يعرف المجرمون بسيماهم﴾ (الرحمن: ٤١)
ورواه مجاهد عنه أيضاً: في قوله تعالى: ﴿فوربك لنسألنهم أجمعين﴾ (الحجر: ٩٢)
وقوله تعالى: ﴿فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان﴾ (الرحمن: ٣٩)
قال لا يسألهم ليعرف ذلك منهم ولكنه يسألهم لم عملتموها سؤال توبيخ؛ وقال أبو العالية: لا يسأل غير المجرم عن ذنب المجرم؛ وقال قتادة: يسألون قبل الختم على أفواههم ثم يختم على أفواههم وتتكلم جوارحهم شاهدة عليهم.