﴿فبأي آلاء﴾ أي: نعم ﴿ربكما﴾ أي: المالك لكما والمحسن إليكما ﴿تكذبان﴾ أبتلك النعم التي ذكرها وجعل لها في الدنيا أمثالاً كثيرة أم بغيرها؟.
﴿فيهما﴾ أي: الجنتين ﴿من كل فاكهة﴾ أي: تعلمونها أو لا تعلمونها ﴿زوجان﴾ أي: صنفان ونوعان قيل: معناه أنّ فيهما من كلّ ما يتفكه به ضربين رطباً ويابساً؛ وقال ابن عباس: ما في الدنيا ثمرة حلوة ولا مرّة إلا وهي في الجنة حتى الحنظل إلا أنه حلو.
فإن قيل: قوله تعالى: ﴿ذواتا أفنان﴾ و﴿فيهما عينان تجريان﴾ و﴿فيهما من كل فاكهة زوجان﴾ كلها أوصاف للجنتين فما الحكمة في فصل بعضها عن بعض بقوله تعالى ﴿فبأي آلاء ربكما تكذبان﴾ مع أنه تعالى لم يفصل حين ذكر العذاب بين الصفات؛ بل قال تعالى: ﴿يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران﴾ مع أنّ إرسال الشواظ غير إرسال النحاس؟ أجيب: بأنه تعالى جمع العذاب جملة، وفصل آيات الثواب ترجيحاً لجانب الرحمة على جانب العذاب، وتطييباً للقلب وتهييجاً للسامع فإن إعادة ذكر المحبوب وتطويل الكلام في اللذات مستحسن.
(١١/٣٧٥)
فإن قيل: فما وجه توسط آية العينين بين ذكر الأفنان وآية الفاكهة والفاكهة إنما تكون على الأعصان، والمناسبة ألا يفصل بين آية الأغصان والفاكهة؟ أجيب: بأنّ ذلك على عادة المتنعمين إذا خرجوا متفرجين في البستان؛ فأوّل قصدهم الفرجة بالخضرة والماء ثم يكون الأكل تبعاً.
﴿فبأي آلاء﴾ أي: نعم ﴿ربكما﴾ التي ادخرها الموجد لكما المحسن إليكما ﴿تكذبان﴾ أبتلك النعم أم بغيرها مما فوضه إليكم من سائر النعم التي لا تحصى.


الصفحة التالية
Icon