ولما كان الاختصاص بالشيء من أعظم الملذذات لا سيما المرأة قال تعالى ﴿لم يطمثهنّ﴾ أي: لم يجامعهنّ ويتسلط عليهنّ؛ يقال طمثت المرأة كضرب وفرح حاضت، وطمثها الرجل افتضها، وأيضاً جامعها ﴿إنس قبلهم﴾ أي: المتكئين ﴿ولا جان﴾ فكأنه قال: هنّ أبكار لم يخالطهنّ أحد فإنّ هذا جمع كلّ من يمكن منه جماع، وفي ذلك دليل على أنّ الجني يغشى كما يغشى الإنسي ويدخل الجنة ويكون لهم فيها جنتان، قال ضمرة: للمؤمنين منهم أزواج من الحور فالإنسيات للإنس والجنيات للجنّ، وقال مقاتل لأنهنّ خلقن في الجنة فعلى قوله يكونون من حور الجنة؛ وقال الشعبي: من نساء الدنيا لم يمسسهن منذ أنشئن خلق وهو قول الكلبي. أي: لم يجامعهنّ في هذا الخلق الذي أنشئن فيه إنس ولا جان؛ وأمّا في الدنيا فقال مجاهد: إذا جامع الرجل ولم يسمّ ينطوي الجني على إحليله فيجامع معه. وقال القرطبي: لم يطمثهن لم يصبهنّ بالجماع قبل أزواجهنّ أحد، وهذا شامل لنساء الجنة ولنساء الدنيا بعد إنشائهنّ خلقاً جديداً، وقرأ الكسائي: يطمثهنّ بضم الميم في الموضعين بخلاف عنه وتخييراً في أحدهما، وهما لغتان: يقال طمثها يطمثها ويطمثها إذا جامعها.
﴿فبأي آلاء﴾ أي: نعم ﴿ربكما﴾ المدبر مصالحكما ﴿تكذبان﴾ أي: بأي نوع من أنواع هذا الإحسان أم غيره.
(١١/٣٧٩)


الصفحة التالية
Icon