ثم وصف تلك الجنتين بقوله تعالى: ﴿مدهامّتان﴾ قال ابن عباس رضي الله عنهما: خضراوان. وقال مجاهد: سوداوان لأنّ الخضرة إذا اشتدت تضرب إلى السواد، وهذا مشاهد بالنظر ولذلك قالوا: سواد العراق لكثرة شجره وزرعه، والأرض إذا اخضرّت غاية الخضرة تضرب إلى سواد؛ قال الرازي: والتحقيق فيه أنّ ابتداء الألوان هو البياض وانتهاءها هو السواد فإن الأبيض يقبل كل لون والأسود لا يقبل شيئاً من الألوان.
﴿فبأي آلاء﴾ أي: نعم ﴿ربكما﴾ أي: المحسن إليكما بالرزق وغيره ﴿تكذبان﴾ أبشيء من تلك النعم أم بغيرها.
(١١/٣٨٢)
ثم وصف تلك الجنتين أيضاً بقوله تعالى: ﴿فيهما﴾ أي: في جنتي كل شخص منهم ﴿عينان نضاختان﴾ قال ابن عباس: أي: فوّارتان بالماء، والنضخ بالخاء المعجمة أكثر من النضح بالحاء المهملة لأنّ النضح بالمهملة الرشح والرش، وبالمعجمة فورانُ الماء وقال مجاهد: المعنى نضاختان بالخير والبركة، وعن ابن مسعود: تنضخ على أولياء الله تعالى بالمسك والكافور والعنبر في دور أهل الجنة كما ينضخ رش المطر، وقال سعيد بن جبير بأنواع الفواكه والماء.
﴿فبأي آلاء﴾ أي: نعم ﴿ربكما﴾ المربي البليغ الحكمة في التربية ﴿تكذبان﴾ أبتلك النعمة أم بغيرها؟.
ثم وصف الجنتين أيضاً بقوله تعالى: ﴿فيهما فاكهة﴾ وخص أشرفها وأكثرها وجداناً في الخريف والشتاء، كما في جنان الدنيا التي جعلت مثالاً لهاتين بقوله تعالى: ﴿ونخل ورمان﴾ فإن كلاً منهما فاكهة وأدام، فلهذا خصا تشريفاً وتنبيهاً على ما فيهما من التفكه، وأولهما أعمّ نفعاً، وأعجب خلقاً، ولذا قدمه فعطفهما على الفاكهة من باب ذكر الخاص بعد العامّ تفضيلاً له؛ كقوله تعالى: ﴿وملائكته ورسله وجبريل وميكال﴾ (البقرة: ٩٨)
وقوله تعالى: ﴿حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى﴾ (البقرة: ٢٣٨)


الصفحة التالية
Icon