﴿متكئين﴾ أي لهم ما ذكر حالة الاتكاء والعامل في الحال محذوف، أي: ينعمون متكئين ﴿على رفرف﴾ أي: ثياب ناعمة وفرش رقيقة النسج من الديباج لينة ووسائد عظيمة، ورياض باهرة، وبسط لها أطراف فاضلة، وهو جمع رفرفة، لأن الله تعالى وصفه بالجمع بقوله: ﴿خضر﴾ ووصفه بذلك لأنّ الخضرة أحسن الألوان وأبهجها، وقال الجوهري: هو ثياب خضر تتخذ منها المحابس الواحدة رفرفة واشتقاقه من رف الطائر أي: ارتفع في الهواء ورفرف بجناحيه إذا نشرهما للطيران؛ وقيل: الرفرف طرف الفسطاط والخباء الواقع على الأرض دون الأطناب والأوتاد؛ وفي الخبر في وفاة النبيّ ﷺ «فرفع الرفرف، فرأينا وجهه كأنه ورقة»، أي: رفع طرف الفسطاط وقال الحكيم الترمذي في نوادر الأصول: الرفرف أعظم خطراً من الفرش فذكر في الأولين ﴿متكئين على فرش بطائنها من استبرق﴾ وقال هنا: ﴿متكئين على رفرف خضر﴾ فالرفرف هو مستقر الولي على شيء إذا استوى عليه الولي رفرف به أي طار به حيثما يريد كالمرجاح. وروي في حديث المعراج أنّ رسول الله ﷺ لما بلغ سدرة المنتهى، جاءه الرفرف فتناوله من جبريل وطار به إلى سند العرش فذكر أنه قال طار بي يخفضني ويرفعني حتى وقف بي على ربي. أي: في محل تنزلات رحمة ربي ثم لما جاء الانصراف تناوله فطار به خفضا ورفعاً يهوي به، حتى أداه إلى جبريل عليه السلام؛ فالرفرف خادم من الخدم بين يدي الله تعالى له خواص الأمور من الدنوّ والقرب؛ كما أنّ البراق دابة تركبها الأنبياء عليهم السلام مخصوصة بذلك، وهذا الرفرف الذي سخر لأهل الجنتين الدائبتين هو متكؤهما وفرشهما يرفرف بالوليّ على حافات تلك الأنهار حيث يشاء إلى خيام أزواجه.
(١١/٣٨٧)


الصفحة التالية
Icon