والخافض والرافع في الحقيقة هو الله تعالى، واللام في قوله تعالى: ﴿لوقعتها﴾ إمّا للتعليل أي: لا تكذب نفس في ذلك اليوم لشدّة وقعتها، وإمّا للتعدية كقولك ليس لزيد ضارب، فيكون التقدير إذا وقعت الواقعة ليس لوقعتها أمر يوجد لها كاذب إذا أخبر عنه.
قال الرازي: وعلى هذا لا تكون ليس عاملة في إذا وهي بمعنى ليس لها كاذب ﴿إذا رجت الأرض﴾ أي: كلها على سعتها وثقلها بأيسر أمر ﴿رجاً﴾ أي: حركت تحريكاً شديداً بحيث ينهدم ما فوقها من بناء وجبل، قال بعض المفسرين: ترتج كما يرتج الصبي في المهد حتى ينهدم ما عليها وينكسر كل شيء عليها من الجبال وغيرها، والرجرجة: الاضطراب، وارتج البحر وغيره واضطرب وفي الحديث: «من ركب البحر حين يرتج فلا ذمة له». يعني إذا اضطربت أمواجه والظرف متعلق بخافضة أو بدل من إذا وقعت.
ولما ذكر حركتها المزعجة أتبعها غايتها بقوله تعالى: ﴿وبست الجبال بساً﴾ أي: فتتت حتى صارت كالسويق الملتوت من بس السويق إذا لتّه؛ قال ابن عباس ومجاهد: كما يبس الدقيق أي: يلت، والبسيسة السويق، أو الدقيق يلت بالسمن أو الزيت ثم يؤكل ولا يطبخ وقد يتخذ زاداً قال الراجز:

*لا تخبزا خبزاً وبسابسا ولا تطيلا بمناخ حبساً*
(١١/٣٩١)


الصفحة التالية
Icon