ولما كان الجواب قطعاً أنت الفعال لذلك وحدك قال تعالى موضحاً لأنه ما زرعه غيره ﴿لو نشاء﴾ أي: لو عاملناكم بصفة العظمة ﴿لجعلناه﴾ أي: بتلك العظمة ﴿حطاما﴾ أي: مكسوراً مفتتاً لا حب فيه قبل النبات حتى لا يقبل الخروج أو بعده ببرد مفرط أو حر مهل أو غير ذلك فلا ينتفع به ﴿فظلتم﴾ أي فأقمتم بسبب ذلك نهاراً في وقت الأشغال العظيمة وتركتم ما يهمكم ﴿تفكهون﴾ حذفت منه إحدى التائين في الأصل تخفيفاً أي تتعجبون مما نزل بكم في زرعكم وقيل: تندمون على ما سلف منكم من المعاصي التي أوجبت تلك العقوبة قال الزمخشري: ومنه الحديث: «مثل العالم كمثل الحمة يأتيها البعداء ويتركها القرباء فبينما هم إذ غار ماؤها فانتفع بها قوم وبقي قوم يتفكهون». أي: يتندمون. وقال الكسائي: التفكة التلهف على ما فات من الأضداد، تقول العرب: تفكهت أي تنعمت وتفكهت أي حزنت وتقولون: ﴿أنا لمغرمون﴾ بحذف القول ومعنى الغرم ذهاب المال بغير عوض من الغرام وهو الهلاك ومن مجيء الغرام بمعنى الهلاك قول القائل:
*أن يعذب يكن غراماً وإن يع | ط جزيلاً فإنه لا يبالي* |
*وثقت بأنّ الحلم منك سجية
... وأنّ فؤادي مبتلى بك مغرم
(١١/٤٢٣)