فإن قيل: كيف طابق قوله وما هم بمؤمنين قولهم: آمنا بالله فإنّ الأوّل في ذكر شأن الفعل لا الفاعل والثاني في ذكر شأن الفاعل لا الفعل فكان المطابق له وما آمنوا، أجيب: بأنه إنما عدل إلى ذلك لردّ كلامهم بأبلغ وجه وآكده لأنّ إخراج ذواتهم عن عداد المؤمنين أبلغ من نفي الإيمان عنهم في ماضي الزمان ولذلك أكد النفي بالباء ونظيره قوله تعالى: ﴿يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها﴾ (المائدة، ٣٧) هو أبلغ من قولك: وما يخرجون منها، وأطلق الإيمان على معنى أنهم ليسوا من الإيمان في شيء، ويحتمل أن يقيد بما قيدوا به وهو قوله تعالى: ﴿ وباليوم الآخر﴾ لأنّ وما هم بمؤمنين جوابه، والآية تدل على أنّ من ادّعى الإيمان وخالف قلبه لسانه بالاعتقاد لم يكن مؤمناً لأنّ من تفوّه بالشهادتين فارغ القلب عما يوافقه أو ينافيه لم يكن مؤمناً.
(١/٤٥)


الصفحة التالية
Icon