ولما قامت الأدلة على تنزيهه سبحانه قال تعالى آمراً بالإذعان له ولرسوله صلى الله عليه وسلم
(١١/٤٤٩)
﴿آمنوا﴾ أي: أيها الثقلان ﴿بالله﴾ أي: الملك الأعظم الذي لا مثل له ﴿ورسوله﴾ الذي عظمته من عظمته، ونزل في غزوة العسرة وهي غزوة تبوك ﴿وأنفقوا﴾ أي: في سبيل الله ﴿مما جعلكم مستخلفين فيه﴾ أي: من الأموال التي في أيديكم فإنها أموال الله تعالى لأنها بخلقه وإنشائه لها، وإنما موّلكم إياها وخولكم بالاستمتاع بها وجعلكم خلفاء في التصرّف فيها فليست هي بأموالكم في الحقيقة وما أنتم فيها إلا بمنزلة الوكلاء والنواب، فأنفقوا منها في حقوق الله تعالى وليهن عليكم الإنفاق منها كما يهون على الرجل النفقة من مال غيره إذا أذن له فيه، أو جعلكم مستخلفين ممن كان قبلكم فيما في أيديكم بتوريثه إياكم فاعتبروا بحالهم حيث انتقل منهم إليكم وسينقل منكم إلى من بعدكم، فلا تبخلوا به وانفعوا بالإنفاق منها أنفسكم.
ولما أمر تعالى بالإنفاق ووصفه بما سهله سبب عنه ما يرغب فيه فقال تعالى: ﴿فالذين آمنوا منكم وأنفقوا﴾ من أموالهم في الوجوه التي ندب إليها على وجه الإصلاح على ما دلّ عليه التعبير بالإنفاق ﴿لهم أجر كبير﴾ أي: لا تبلغ عقولكم حقيقة كبره فاغتنموا الإنفاق في أيام استخلافكم قبل عزلكم وإتلافكم، وخصهم بالذكر بقوله تعالى: ﴿منكم﴾ لضيق في زمانهم، وقيل: إنّ ذلك إشارة إلى عثمان فإنه جهز جيش العسرة.
(١١/٤٥٠)