﴿يوم﴾ ظرف لقوله تعالى: ﴿وله أجر كريم﴾ أو منصوب بإضمار أذكر أي: واذكر يوم ﴿ترى﴾ أي: بالعين ﴿المؤمنين والمؤمنات﴾ أي: الذين صار الإيمان لهم صفة راسخة ﴿يسعى نورهم﴾ أي: ما يوجب نجاتهم وهدايتهم إلى الجنة ﴿بين أيديهم وبأيمانهم﴾ لأن السعداء يؤتون صحائف أعمالهم من هاتين الجهتين، كما أنّ الأشقياء يؤتونها من شمائلهم ووراء ظهورهم فيجعل النور في الجهتين شعار لهم وآية لأنهم هم الذين بحسناتهم سعدوا وبصحائفهم البيض أفلحوا، فإذا ذهب بهم إلى الجنة ومرّوا على الصراط يسعون يسعى معهم ذلك النور حبيباً لهم ومتقدّماً، والأوّل: نور الإيمان والمعرفة والأعمال المقبولة، والثاني: نور الإنفاق لأنه بالإيمان نبه عليه الرازي وقال قتادة: ذكر لنا أنّ نبيّ الله ﷺ «قال من المؤمنين من يضيء نوره من المدينة إلى عدن ودون ذلك حتى أنّ من المؤمنين من لا يضيء نوره إلا موضع قدميه». وقال عبد الله بن مسعود: «يؤتون نورهم على قدر أعمالهم فمنهم من يؤتى نوره كالنخلة ومنهم من يؤتى نوره كالرجل القائم وأدناهم نوراً نوره على إبهامه فيطفأ مرة ويتقد أخرى ويقول لهم الذين يتلقونهم من الملائكة: ﴿بشراكم اليوم﴾ أي: بشارتكم العظيمة في جميع ما يستقبلكم من الزمان.
تنبيه: ﴿بشراكم اليوم﴾ مبتدأ واليوم ظرف وقوله تعالى: ﴿جنات﴾ خبره على حذف مضاف أي: دخول جنات وهو المبشر به ثم وصفها بما لا تكمل اللذة إلا به بقوله: ﴿تجري من تحتها الأنهار﴾ ثم آمنهم من خوف الانقطاع بقوله تعالى: ﴿خالدين فيها﴾ أي: خلوداً لا آخر له لأنّ الله تعالى أورثهم ذلك فلا يورث عنه لأنّ الجنة لا موت فيها ﴿ذلك﴾ أي: هذا الأمر العظيم المتقدّم من النور والبشرى بالجنات المخلدة ﴿هو الفوز العظيم﴾ أي: الذي ملأ بعظمته جميع جهاتهم.
(١١/٤٥٧)