﴿اعلموا أن الله﴾ أي: الملك الأعظم الذي له الكمال كله فلا يعجزه شيء ﴿يحيي﴾ أي: على سبيل التجديد والاستمرار كما تشاهدونه ﴿الأرض﴾ أي: بالنبات ﴿بعد موتها﴾ أي: يبسها تمثيل لإحياء الأموات بجميع أجسادهم وإفاضة الأرواح عليها كما فعل بالنبات وكما فعل بالأجسام أول مرة، ولإحياء القلوب القاسية بالذكر والتلاوة فاحذروا سطوته واخشوا غضبه وارجوا رحمته، لإحياء القلوب فإنه قادر على إحيائها بروح الوحي كما أحيا الأرض بروح الماء لتصير بأحيائها بالذكر خاشعة بعد قسوتها كما صارت الأرض رابية بعد خشوعها وموتها.﴿{
(١١/٤٦٥)
ولما انكشف الأمر بهذه غاية الانكشاف أنتج قوله تعالى: {قد بينا﴾
أي: على مالنا من العظمة ﴿لكم الآيات﴾ أي: العلامات النيرات ﴿لعلكم تعقلون﴾ أي: لتكونوا عند من يعلم ذلك ويمنعه من الخلائق على رجاء من حصول العقل لكم بما يتجدد لكم من فهمه على سبيل التواصل الدائم بالاستمرار
وقرأ: ﴿إن المصدقين﴾ أي: العريقين في هذا الوصف من الرجال ﴿والمصدقات﴾ أي: من النساء، ابن كثير وشعبة بتخفيف الصاد فيهما من التصديق بالإيمان والباقون بالتشديد فيهما من التصدق أدغمت التاء في الصاد أي: الذين تصدقوا وقوله تعالى: ﴿وأقرضوا الله﴾ أي: الذي له الكمال كله عطف على معنى الفعل في المصدقين لأنّ اللام بمعنى الذين واسم الفاعل بمعنى أصدقوا كأنه قيل: إنّ الذين أصدقوا وأقرضوا الله ﴿قرضاً حسناً﴾ أي: بغاية ما يكون من طيب النفس وإخلاص النية والنفقة في سبيل الخير وحسنه؛ كما قال الرازي: أن يصرف بصره عن النظر إلى فعله والنفقة وإلا متنا به وطلب العوض عليه ﴿يضاعف﴾ أي: ذلك القرض ﴿لهم﴾ من عشرة إلى سبعمائة كما مرّ لأنّ الذي كان له العرض كريم، وقرأ ابن كثير وابن عامر: بتشديد العين ولا ألف بينها وبين الضاد؛ والباقون بتخفيف العين وبينها وبين الضاد ألف ﴿ولهم﴾ أي: مع المضاعفة ﴿أجر كريم﴾ أي: ثواب حسن وهو الجنة والنظر إلى وجهه الكريم.


الصفحة التالية
Icon