ولما بلغ من لم يؤمن من أهل الكتاب قوله تعالى: ﴿أولئك يؤتون أجرهم مرتين﴾ قالوا للمسلمين: أمّا من آمن منا بكتابكم فله أجره مرتين لإيمانه بكتابكم وبكتابنا ومن لم يؤمن منا فله أجره كأجوركم فما فضلكم علينا فأنزل الله تعالى: ﴿لئلا يعلم﴾ أي: ليعلم ولا زائدة للتأكيد ﴿أهل الكتاب﴾ الذين لم يؤمنوا بمحمد ﷺ ﴿أن﴾ مخففة من الثقيلة اسمها ضمير الشان والمعنى أنهم ﴿لا يقدرون على شيء﴾ في زمن من الأزمان ﴿من فضل الله﴾ أي: الملك الأعلى فلا أجر لهم ولا نصيب في فضله إن لم يؤمنوا بنبيه محمد ﷺ وقال قتادة: حسد الذين لم يؤمنوا من أهل الكتاب المؤمنين منهم فنزلت هذه الآية. وقال مجاهد: قالت اليهود يوشك أن يخرج منا نبيّ يقطع الأيدي والأرجل فلما خرج من العرب كفروا به فنزلت الآية. وروي أن مؤمني أهل الكتاب افتخروا على غيرهم من المؤمنين بأنهم يؤتون أجرهم مرتين وادّعوا الفضل عليهم فنزلت، وقيل: المراد من فضل الله الإسلام، وقيل: الثواب، وقال الكلبي: من رزق الله وقيل: نعم الله تعالى التي لا تحصى ﴿وأنّ﴾ أي: وليعلموا أن ﴿الفضل﴾ أي: الذي لا يحتاج إليه من هو عنده ﴿بيد الله﴾ الذي له الأمر كله ﴿يؤتيه من يشاء﴾ لأنه قادر مختار فآتى المؤمنين منهم أجرهم مرتين ﴿والله﴾ أي: الذي أحاط بجميع صفات الكمال ﴿ذو الفضل العظيم﴾ أي: مالكه ملكاً لا ينفك ولا ملك لأحد فيه معه ولا تصرف بوجه أصلاً فلذلك يخص من يشاء بما يشاء
(١١/٤٨٨)


الصفحة التالية
Icon