وقيل: ﴿كتب في قلوبهم الإيمان﴾ (طه: ٧١)
بما وفقهم فيه وشرح له صدرهم، أي: على قلوبهم كقوله تعالى: ﴿في جذوع النخل﴾ وخص القلوب بالذكر لأنها موضع الإيمان. قال البيضاوي: وهو دليل على خروج العمل من مفهوم الإيمان، فإنّ جزاء الثابت في القلب يكون ثابتاً فيه، وأعمال الجوارح لا تثبت فيه. ﴿وأيدهم﴾ أي: وقوّاهم وشدّدهم وشرّفهم ﴿بروح﴾ أي: نور شريف جدّاً يفهمون به ما أودع في كتابه وسنة نبيه ﷺ من نور العلم والعمل ﴿منه﴾ أي: من الله تعالى أحياهم به فلا إنفكاك لذلك عنهم في وقت من الأوقات، فأثمر لهم استقامة المناهج ظاهراً وباطناً، فعملوا الأعمال الصالحة فكانوا للدنيا كالسراج، فلا تجد شيئاً أدخل في الإخلاص من موالاة أولياء الله تعالى، ومعاداة أعدائه لا بل هو عين الإخلاص، ومن جنح إلى منحرف عن دينه، أوداهن مبتدعاً في عقيدته نزع الله تعالى نور التوحيد من قلبه.
قال الزمخشري: ويجوز أن يكون الضمير للإيمان، أي: بروح من الإيمان على أنه في نفسه روح لحياة القلوب به وقال ابن عباس رضى الله عنهما: نصرهم على عدوّهم، وسمى تلك النصرة روحاً، لأنّ بها يحيا أمرهم. وقال الربيع بن أنس رضى الله عنه: بالقرآن وحججه، وقال ابن جريج: بنور وبرهان وهدى، وقيل: برحمة، وقيل: أيدهم بجبريل عليه السلام ﴿ويدخلهم جنات﴾ أي: بساتين تستر داخلها من كثرة أشجارها.
(١٢/٢٩)