وقال الزمخشري: فإن قلت: أي فرق بين قولك وظنوا أن حصونهم تمنعهم أو ما نعتهم، وبين النظم الذي جاء عليه. قلت: في تقديم الخبر على المبتدأ دليل على فرط وثوقهم بحصانتها ومنعها إياهم، وفي تصيير ضميرهم اسماً لأن وإسناد الجملة إليه دليل على اعتقادهم في أنفسهم أنهم في عزة ومنعة، لا يبالي معها بأحد يتعرّض لهم أو يطمع في معازتهم، وليس ذلك في قولك: وظنوا أنّ حصونهم تمنعهم ا. ه. وهذا الذي ذكره إنما يتأتى على الإعراب الأوّل، وقد تقدّم أنه مرجوح ودل على ضعف عقولهم بأن عبر عن جنده باسمه الأعظم بقوله تعالى: ﴿من الله﴾ أي: الملك الأعظم الذي لا عز إلا له ﴿فأتاهم الله﴾ أي: جاءهم الملك الأعظم الذي لا يحتملون مجيئه ﴿من حيث لم يحتسبوا﴾ بما صوّر لهم من حقارة أنفسهم على حبسها، وهي خذلان المنافقين رعباً كرعبهم. وقرأ حمزة والكسائي بالإمالة محضة، وورش بالفتح وبين اللفظين والباقون بفتحها ﴿وقذف﴾ أي: أنزل إنزالاً كأنه قذف بحجارة فثبت ﴿في قلوبهم الرعب﴾ أي: الخوف الذي سكنها بعد أن كان الشيطان زين لهم غير ذلك، وملأ قلوبهم من الأطماع الفارغة. وقرأ في قلوبهم الرعب، وعليهم الجلاء، ولأخوانهم الذين حمزة والكسائي في الوصل بضم الهاء والميم، وأبو عمر وبكسرهما، والباقون بكسر الهاء وضم الميم، وحرّك العين بالضم ابن عامر والكسائي، والباقون بالكسون
(١٢/٣٧)


الصفحة التالية
Icon