تنبيه:: قال الماوردي: الجلاء أخص من الخروج، لأنه لا يقال إلا للجماعة، والإخراج يكون للجماعة والواحد. وقال غيره: الفرق بينهما أنّ الجلاء ما كان مع الأهل والولد، بخلاف الإخراج فإنه لا يستلزم ذلك ﴿لعذبهم﴾ أي: بالقتل والسبي ﴿في الدينا﴾ كما فعل بقريظة من اليهود ﴿ولهم﴾ أي: على كل حال أجلوا أو تركوا ﴿في الآخرة﴾ التي هي دار البقاء ﴿عذاب النار﴾ وهو العذاب الأكبر.
﴿ذلك﴾ أي: الأمر العظيم الذي فعله بهم من الجلاء ومقدماته في الدنيا، ويفعله بهم في الآخرة ﴿بأنهم شاقوا الله﴾ أي: الملك الأعلى الذي له الإحاطة التامّة فكانوا في شق غير شقه، بأن صاروا في شق الأعداء المحاربين بعدما كانوا الموادعين ﴿و﴾ شاقوا ﴿رسوله﴾ أي: الذي إجلاله من إجلاله ﴿ومن يشاق الله﴾ أي: يوقع في الباطن مشاقة الملك الأعلى الذي لا كفؤ له في الماضي والحال والاستقبال ﴿فإن الله﴾ أي: المحيط بجميع العظمة ﴿شديد العقاب﴾ وذلك كما فعل بأهل خيبر.
وقوله تعالى:
(١٢/٤٠)
﴿ما﴾ شرطية في موضع نصب بقوله تعالى: ﴿قطعتم﴾ وقوله تعالى: ﴿من لينة﴾ بيان له. واختلف في معنى قوله تعالى: ﴿من لينة﴾ فأكثر المفسرين على أنها هي النخلة مطلقاً، كأنهم اشتقوها من اللين. قال ذو الرمة:

*كان قتودي فوقها عش طائر على لينة سوقاء تهفو جنوبها*
وقال الزهري: هي النخلة ما لم تكن عجوة ولا برنية، وقال جعفر بن محمد: هي العجوة خاصة، وذكر أن العتيق والعجوة كانتا مع نوح عليه الصلاة والسلام في السفينة، والعتيق: الفحل وكانت العجوة أصل الإناث كلها فلذلك شق على اليهود قطعها حكاه الماوردي. وقال سفيان: هي ضرب من النخل يقال لثمرها اللون، وهو شديد الصفرة يرى نواه من خارجه، ويغيب فيه الضرس النخلة منها أحب إليهم من وصيف.
(١٢/٤١)


الصفحة التالية
Icon