قال مالك: من كان يبغض أحداً من أصحاب رسول الله ﷺ أو كان في قلبه لهم غل فليس له حق في فيء المسلمين، ثم قرأ ﴿والذين جاؤوا من بعدهم﴾ الآية، وهي عامة في جميع التابعين الآتين بعدهم إلى يوم القيامة. يروى أنّ النبيّ ﷺ خرج إلى المقبرة فقال: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، وددت لو رأيت إخواننا، فقالوا: يا رسول الله ألسنا إخوانك، فقال رسول الله ﷺ بل أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد وأنا فرطهم على الحوض» فبين ﷺ أن أخوانه كان من أتى بعدهم كما قال السدي والكلبي: إنهم الذي هاجروا بعد ذلك، وعن الحسن أيضاً: أنّ الذين جاؤوا من بعدهم من قصد إلى النبيّ ﷺ إلى المدينة بعد انقطاع الهجرة، وإنما بدؤوا في الدعاء بأنفسهم لقوله ﷺ «ابدأ بنفسك» وقال الشعبي: تفاضلت اليهود والنصارى على الرافضة بخصلة، سألت اليهود من خير أهل ملتكم فقالوا: أصحاب موسى، وسألت الأنصار من خير أهل ملتكم فقالوا: أصحاب عيسى، وسألت الرافضة من شر أهل ملتكم فقالوا: أصحاب محمد ﷺ أمروا بالاستغفار لهم فسبوهم. وعن عائشة قالت سمعت رسول الله ﷺ يقول: «لا تذهب هذه الأمّة حتى يلعن آخرها أوّلها» أعاذنا الله تعالى ومحبينا من الأهواء المضلة ﴿ولا تجعل في قلوبنا غلاً﴾ أي: ضغناً وحسداً وحقداً، وهو حرارة وغليان يوجب الانتقام ﴿للذين آمنوا﴾ أي: أقروا بالإيمان وإن كانوا في أدنى درجاته وقيدوا بالقلب لأنّ رذائل النفس قل أن تنفك، وأنها إن كانت مع صحة القلب أو شك أن لا تؤثر ﴿ربنا﴾ أي: أيها المحسن إلينا بتعليم ما لم نكن نعلم، وأكدوا إعلاماً بأنهم يعتقدون ما يقولون بقولهم: ﴿إنك رؤوف﴾ أي: راحم أشد الرحمة لمن كانت له بك وصلة بفعل من أفعال الخير ﴿رحيم﴾ مكرم غاية الإكرام لمن أردت، ولو لم يكن


الصفحة التالية
Icon