وحذف حرف العطف ولم يقل وكمثل الشيطان لأنّ حذف العطف كثير. كقولك: أنت عاقل، أنت كريم، أنت عالم، وقوله ﴿كمثل الشيطان﴾ كالبيان لقوله تعالى: ﴿كمثل الذين من قبلهم﴾ روي عن النبيّ ﷺ «أنّ الإنسان الذي قال له الشيطان: راهب نزلت عنده امرأة أصابها لمم ليدعو لها، فزين له الشيطان فوطئها فحملت، ثم قتلها خوفاً من أن يفتضح فدل الشيطان قومها على موضعها، فجاؤوا فاستنزلوا الراهب ليقتلوه فجاءه الشيطان، فوعده إن سجد له أنجاه منهم فسجد له فتبرأ منه» وروى عطاء وغيره عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما قال: كان راهب يقال له: برصيصا تعبد في صومعة له سبعين سنة لم يعص الله تعالى فيها طرفة عين، وإن إبليس أعياه في أمره الحيل فجمع ذات يوم مردة الشياطين، فقال: ألا أجد فيكم من يكفيني برصيصا فقال له: الأبيض وهو صاحب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وهو الذي تصدى للنبيّ ﷺ وجاءه في صورة جبريل عليه السلام ليوسوس إليه على وجه الوحي، فدفعه جبريل عليه السلام إلى أقصى أرض الهند، فقال الأبيض لإبليس: أنا أكفيك أمره فانطلق فتزيا بزيّ الرهبان، وحلق وسط رأسه، وأتى صومعة برصيصا فناداه فلم يجبه، وكان لا ينفتل عن صلاته إلا في كل عشرة أيام مرّة ولا يفطر في كل عشرة أيام إلا مرة فلما رآه الأبيض أنه لا يجيبه أقبل على العباد في أصل صومعته فلما انفتل برصيصا اطلع من صومعته فرأى الأبيض قائماً يصلي في هيئة حسنة من هيئة الرهبان فلما رأى ذلك من حاله ندم على نفسه حين لم يجبه، فقال له: إنك حين ناديتني كنت مشتغلاً عنك فما حاجتك؟ قال: حاجتي أني أحببت أن أكون معك فأتأدب بأدبك، وأقتبس من علمك، ونجتمع على العبادة، وتدعو لي، وأدعو لك فقال برصيصا: إني لفي شغل عنك، فإن كنت مؤمناً فإن الله سيجعل لك فيما أدعو للمؤمنين نصيباً إن استجاب الله لي، ثم أقبل على صلاته وترك الأبيض، فأقبل الأبيض يصلي فلم يلتفت إليه برصيصا


الصفحة التالية
Icon