﴿إنما ينهاكم الله﴾ أي: الذي له الإحاطة الكاملة علماً وقدرة ﴿عن الذين قاتلوكم﴾ أي: جاهدوكم متعمدين لقتالكم ﴿في الدين﴾ أي: عليه فليس شيء من ذلك خارجاً عنه ﴿وأخرجوكم من دياركم﴾ أي بأنفسهم لبغضكم، وهم عتاة أهل مكة ﴿وظاهروا﴾ أي: عاونوا غيرهم ﴿على إخراجكم﴾ وهم مشركوا مكة. وقوله تعالى: ﴿أن تولوهم﴾ بدل اشتمال من الذين أي: تتخذوهم أولياء. وقرأ البزي بتشديد التاء، والباقون بالتخفيف.
ولما كان التقدير فمن أطاع فأولئك هم المفلحون عطف عليه قوله تعالى: ﴿ومن يتولهم﴾ أي: يكلف نفسه الحمل على غير ما تدعو إليه الفطرة الأولى من المنابزة، وأطلق ولم يقيد بمنكم ليعم المهاجرين وغيرهم، والمؤمنين وغيرهم ﴿فأولئك﴾ أي: الذين أبعدوا عن العدل ﴿هم الظالمون﴾ أي: الغريقون في إيقاع الأشياء في غير مواضعها.
ولما أمر المسلمين بترك موالاة المشركين اقتضى ذلك مهاجرة المسلمين من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام، وكان التناكح من أوكد أسباب الموالاة فبين أحكام مهاجرة النساء بقوله تعالى:
(١٢/٩٧)
﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ أي: أقرّوا بالإيمان ﴿إذا جاءكم المؤمنات﴾ أي: بأنفسهن ﴿مهاجرات﴾ أي: من الكفار بعد الصلح معهم في الحديبية ﴿فامتحنوهنّ﴾ أي: بالحلف أنهنّ ما هاجرن إلا رغبة في الإسلام، لا بغضاً في أزواجهن الكفار، ولا عشقاً لرجال من المسلمين. كذا كان رسول الله ﷺ يحلفهنّ.
(١٢/٩٨)