(١٢/٩٩)
أنّ الشرط في ردّ النساء نسخ بذلك، وهذا مذهب من يرى نسخ السنة بالقرآن. وقال بعض العلماء: كله منسوخ بالقرآن، وقالت طائفة: لم يشترط ردّهنّ في العقد لفظاً، وإنما أطلق العقد في ردّ من أسلم فكان ظاهر العموم اشتماله عليهنّ مع الرجال، فبين الله تعالى خروجهنّ عن عمومه وفرق بينهنّ وبين الرجال لأمرين: أحدهما: أنهنّ ذوات فروج فحرمن عليهنّ، الثاني: أنهنّ أرق قلوباً وأسرع تقلباً منهم، فأما المقيمة منهنّ على شركها فمردودة عليهم ﴿لا هنّ﴾ أي: المؤمنات ﴿حلّ﴾ أي: موضع حلّ ثابت ﴿لهم﴾ أي: الكفار باستمتاع، ولا غيره. وقوله تعالى: ﴿ولا هم﴾ أي: رجال الكفار ﴿يحلون لهنّ﴾ أي: المؤمنات تأكيد للأوّل لتلازمهما. وقال البيضاوي: والتكرير للمطابقة والمبالغة، والأولى لحصول الفرقة، والثانية للمنع عن الاستئناف.
وقيل: أراد استمرار الحكم بينهم فيما يستقبل كما هو في الحال ما داموا مشركين، وهنّ مؤمنات. والمعنى: لم يحل الله تعالى مؤمنة لكافر في حال من الأحوال، وهذا أدل دليل على أنّ الذي أوجب فرقة المسلمة من زوجها الكافر إسلامها لا هجرتها. وقال أبو حنيفة: الذي فرق بينهما هو اختلاف الدارين، والصحيح كما قال ابن عادل: الأول لأنّ الله تعالى بين العلة، وهو عدم الحل بالإسلام لا باختلاف الدار.
ولما نهى عن الردّ وعلله أمر بما قدم من الأقساط إليهم فقال تعالى: ﴿وآتوهم﴾ أي: أعطوا الأزواج ﴿ما أنفقوا﴾ أي: عليهنّ من المهور، فإنّ المهر في نظير أصل العشرة ودوامها، وقد فوتتها المهاجرة فلا يجمع عليه خسارتان الزوجية والمالية وأما الكسوة والنفقة فأنهما لما يتجدّد من الزمان.
(١٢/١٠٠)


الصفحة التالية
Icon