(١٢/١٠٢)
بردّهن في ذلك} يعني: في عدّتهن، وهذا مما لا خلاف فيه أنه عنى به العدّة قال الزهري في قصة زينب: هذه كانت قبل أن تنزل الفرائض، وقال قتادة: كان هذا قبل أن تنزل سورة براءة بقطع العهود بينهم وبين المشركين.
تنبيه: المراد بالكوافر هنا عبدة الأوثان، ومن لا يجوز ابتداء نكاحها. وقيل: هي عامّة نسخ منها نساء أهل الكتاب، فعلى الأول: إذا أسلم وثني، أو مجوسي ولم تسلم أمرأته فرق بينهما، وهو قول بعض أهل العلم منهم مالك والحسن وطاوس وعطاء وعكرمة وقتادة لقوله تعالى: ﴿ولا تمسكوا بعصم الكوافر﴾ وقال بعضهم: ينتظر بها تمام العدّة، وهو قول الزهري والشافعي وأحمد، واحتجوا بأن أبا سفيان بن الحارث أسلم قبل هند بنت عتبة امرأته، وكان إسلامه بمرّ الظهران، ثم رجع إلى مكة وهند بها كافرة مقيمة على كفرها، فأخذت بلحيته وقالت: اقتلوا الشيخ الضال، ثم أسلمت بعده بأيام فاستقرّا على نكاحهما لأنّ عدتها لم تكن انقضت، قالوا: ومثله حكيم بن حزام أسلم قبل امرأته، ثم أسلمت بعده فكانا على نكاحهما. قال الشافعي: ولا حجة لمن احتج بقوله تعالى: ﴿بعصم الكوافر﴾ لأنّ نساء المؤمنين محرمات على الكفار كما أن المسلمين لا تحل لهم الكوافر الوثنيات ولا المجوسيات لقوله تعالى: ﴿لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن﴾ ثم بينت السنة أن مراد الله تعالى من قوله هذا: أنه لا يحل بعضهم لبعض إلا إن أسلم الثاني منهما في العدّة.
وقال أبو حنيفة وأصحابه في الكافرين الذمّيين: إذا أسلمت المرأة عرض على الزوج الإسلام فإن أسلم، وإلا فرق بينهما، قالوا: ولو كانا حربيين فهي امرأته حتى تحيض ثلاث حيض إذا كانا جميعاً في دار الحرب، أو في دار الإسلام، وإن كان أحدهما في دار الحرب والآخر في دار الإسلام انقطعت العصمة بينهما، وقد تقدمّ أنّ اعتبار الدار ليس بشيء، وهذا الخلاف إنما هو في المدخول بها.
(١٢/١٠٣)


الصفحة التالية
Icon