تنبيه: محصل مذهب الشافعي في هذه الآية: أنّ الهدنة لو عقدت بشرط أن يردوا من جاءهم منا مرتداً صح، ولزمهم الوفاء به سواء أكان رجلاً أو امرأة، حرّاً أو رقيقاً، فإن امتنعوا من ردّه فناقضون للعهد لمخالفتهم الشرط، أو عقدت على أن لا يردوه جاز، ولو كان المرتدّ امرأة فلا يلزمهم ردّه لأنه ﷺ شرط ذلك في مهادنة قريش، حيث قال لسهل بن عمرو وقد جاء رسولاً منهم «من جاءنا منكم رددناه، ومن جاءكم منا فسحقاً سحقاً» ومثله ما لو أطلق العقد كما فهم بالأولى، ويغرمون فيهما مهر المرتدّة. فإن قيل: لم غرموا مهر المرتدّة، ولم نغرم نحن مهر المسلمة على ما تقدم من الخلاف؟ أجيب: بأنهم قد فوتوا عليه الاستتابة الواجبة علينا، وأيضاً المانع جاء من جهتها، والزوج غير متمكن منها بخلاف المسلمة الزوج متمكن منها بالإسلام، وكذا يغرمون قيمة رقيق ارتدّ دون الحرّ، فإن عاد الرقيق المرتد إلينا بعد أخذنا قيمته رددناها عليهم.
بخلاف نظيره في المهر لأنّ الرقيق بدفع القيمة يصير ملكاً لهم، والنساء لا يصرن زوجات.
فإن قيل: كونه يصير ملكاً لهم مبنى على جواز بيع المرتد للكافر، والصحيح خلافه.
أجيب: بأنّ هذا ليس مبنياً عليه لأن هذا ليس بيعاً حقيقة فاغتفر ذلك أجل المصلحة، وإن شرطنا عدم الرد.
فإن قيل: هل يغرم الإمام لزوج المرتدة ما أنفق من صداقها، لأنا بعقد الهدنة حلنا بينه وبينها، ولولاه لقاتلناهم حتى يردوها؟.
أجيب: بأنّ هذا ينبني على أنّ الإمام هل يغرم لزوج المسلمة المهاجرة ما أنفق، وقد تقدم الكلام على ذلك.
(١٢/١٠٧)