وقيل: إن هذه المناهي كانت في النساء كثيراً ممن يرتكبها، ولا يحجزهن عنها شرف النسب فخصت بالذكر لهذا، ونحو هذا قوله ﷺ لوفد عبد القيس «وأنهاكم عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت» فنبههم على ترك المعصية في شرب الخمر دون سائر المعاصي لأنها كانت شهوتهم وعادتهم، وإذا ترك المرء شهوته من المعاصي هان عليه ترك سائرها مما لا شهوة فيها.
ولما كان الإنسان محل النقصان لا سيما النسوان رجاهن سبحانه بقوله تعالى: ﴿واستغفر﴾ أي: اسأل ﴿لهن الله﴾ أي: الملك الأعظم ذا الجلال والإكرام في الغفران إن وقع منهن تقصير وهو واقع، لأنه لا يقدر أحد أن يقدر الله تعالى حق قدره ﴿إن الله﴾ أي: الذي له صفات الكمال ﴿غفور﴾ أي: بالغ الستر للذنوب عيناً وأثراً ﴿رحيم﴾ أي: بالغ الإكرام بعد الغفران تفضلاً منه وإحساناً.
وروي أن ناساً من فقراء المسلمين كانوا يواصلون اليهود ليصيبوا من ثمارهم فنهاهم الله عن ذلك بقوله تعالى:
﴿يأيها الذين آمنوا لا تتولوا﴾ أي: لا تعالجوا أنفسكم أن توالوا ﴿قوماً﴾ أي: ناساً لهم قوة على ما يحاولونه فغيرهم من باب أولى ﴿غضب الله﴾ أي: أوقع الملك الأعلى الغضب ﴿عليهم﴾ لإقبالهم على ما أحاط بهم من الخطايا، فهو عام في كل من اتصف بذلك يتناول اليهود تناولاً أولياً ﴿قد يئسوا﴾ أي: تحققوا عدم الرجاء ﴿من الآخرة﴾ أي: من ثوابها مع إيقانهم بها لعنادهم النبي ﷺ مع علمهم أنه الرسول المبعوث في التوراة ﴿كما يئس الكفار من أصحاب القبور﴾ أي من موتاهم أن يبعثوا ويرجعوا أحياء.
(١٢/١١٣)


الصفحة التالية
Icon