أجيب: بأن الحكمة في ذلك تعليم العبد أن يسبح الله تعالى على الدوام كما أن الماضي يدل عليه في الماضي من الزمان، والمستقبل يدل عليه في المستقبل من الزمان، والأمر يدل عليه في الحال فإن قيل: هلا قيل سبح لله السموات والأرض وما فيهما، وهو أكثر مبالغة أجيب: بأن المراد بالسماء جهة العلو فيشمل السماء وما فيها، وبالأرض جهة السفل فيشمل الأرض وما فيها ﴿وهو﴾ أي: وحده ﴿العزيز﴾ أي: الغالب على غيره أي شىء كان ذلك الغير، ولا يمكن أن يغلب عليه غيره ﴿الحكيم﴾ أي: الذي يضع الأشياء في أتقن مواضعها. روى الدرامي في مسنده قال: أنبأنا محمد بن كثير عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عبد الله بن سلام قال: قعدنا مع نفر من أصحاب رسول الله ﷺ فتذاكرنا، فقلنا: لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله تعالى لعملناه، فأنزل الله تعالى: ﴿سبح لله ما في السموات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم﴾ ﴿يأيها الذين آمنوا﴾ أي: ادّعوا الإيمان ﴿لم تقولون ما لا تفعلون﴾ حتى ختمها. قال عبد الله: «فقرأها علينا رسول الله ﷺ حتى ختمها، قال أبو سلمة: قرأها علينا عبد الله بن سلام حتى ختمها، قال يحيى فقرأها علينا أبو سلمة فقرأها علينا أبو يحيى، فقرأها علينا الأوزاعي، فقرأها علينا محمد فقرأها علينا الدرامي. انتهى. ولي بقراءتها سند متصل إلى النبي ﷺ. وقال عبد الله بن عباس: قال عبد الله بن رواحة: لو علمنا أحب الأعمال إلى الله تعالى لعملناه فلما نزل الجهاد كرهوه. وقال الكلبي: قال المؤمنون: يا رسول الله لو علمنا أحب الأعمال إلى الله تعالى لسارعنا إليه فنزل ﴿هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم﴾ فمكثوا زماناً يقولون: لو نعلمها لاشتريناها بالأموال والأنفس والأهلين، فدلهم الله تعالى عليها بقوله تعالى: ﴿تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله﴾ (الصف: ١١)
(١٢/١١٥)