﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يبَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُواْ هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ﴾ ﴿وإذ﴾ أي: واذكر يا أشرف المرسلين إذ ﴿قال عيسى﴾ ووصفه بقوله ﴿ابن مريم﴾ ليعلم أنه من غير أب وثبتت نبوته بالمعجزات ﴿يا بني إسرائيل﴾ فذكرهم بما كان عليه أبوهم من الدين وما أوصى به بنيه من التمسك بالإسلام، ولم يقل: يا قوم، كما قال موسى عليه السلام؛ لأنه لا أب له فيهم وإن كانت أمه منهم، فإن النسب إنما هو من جهة الأب، وأكد لإنكار بعضهم فقال ﴿إني رسول الله﴾ أي: الملك الأعظم ﴿إليكم﴾ أي: لا إلى غيركم ﴿مصدقاً لما بين يدي﴾ أي: قبلي ﴿من التوراة﴾ التي تعلمون أن الله تعالى أنزلها على موسى عليه السلام، وهي أول الكتب التي نزلت بعد الصحف وحكم بها النبيون، فتصديقي لها مع تأييدي بها مؤيد، لأن ما أقمت من الدلائل حق ومبين أنها دليلي فيما لم أنسخه منها، كما يستدل بما قدامه من الإعلام ويراعيه ببصره. وقرأ أبو عمرو وابن ذكوان والكسائي بالإمالة محضة، وقرأ حمزة ونافع بين بين بخلاف عنه عن قالون، والباقون بالفتح ﴿ومبشراً﴾ في حال تصديقي للتوراة ﴿برسول﴾ أي: إلى كل من شملته الربوبية ﴿يأتي من بعدي﴾ أي: يصدق بالتوراة. فكأنه قيل: ما اسمه؟ قال: ﴿اسمه أحمد﴾ والمعنى: أرسلت إليكم في حال تصديقي ما تقدمني من التوراة، وفي حال تبشيري برسول يأتي من بعدي يعني أن ديني التصديق بكتب الله تعالى وأنبيائه جميعاً ممن تقدم وتأخر.
فإن قيل: بم انتصب مصدقاً ومبشراً، أبما في الرسول من معنى الإرسال أم بإليكم؟.
(١٢/١٢٢)


الصفحة التالية
Icon