﴿ومن﴾ أي: لا أحد ﴿أظلم﴾ أي: أشد ظلماً ﴿ممن افترى﴾ أي: تعمد ﴿على الله﴾ أي: الملك الأعلى ﴿الكذب﴾ أي: بنسبة الشريك والولد إليه، ووصف آياته بالسحر، ووصف أنبيائه بالسحرة ﴿وهو﴾ أي: والحال أنه ﴿يدعى﴾ أي: من أي داع كان ﴿إلى الإسلام﴾ أي: الذي هو أحسن الأشياء فإن له فيه سعادة الدارين، فيجعل مكان إجابته افتراء الكذب على الله تعالى: ﴿والله﴾ أي: الذي له الأمر كله فلا أمر لأحد معه ﴿لا يهدي القوم﴾ أي: لا يخلق الهداية في قلوب من فيهم قوة المجادلة للأمور الصعاب ﴿الظالمين﴾ أي: الذين يخبطون في عقولهم خبط من هو في الظلام.
﴿يريدون﴾ أي: يوقعون إرادة ردهم للرسالة بافترائهم ﴿ليطفئوا﴾ أي: لأجل أن يطفئوا ﴿نور الله﴾ أي: الملك الذي لا شئ يكافئه ﴿بأفواههم﴾ أي: بما يقولون من كذب لا منشأ له غير الأفواه، لأنه لا اعتقاد له في القلوب.
تنبيه: الإطفاء هو الإخماد يستعملان في النار وفيما يجري مجراها من الضياء والظهور، ويفرق بين الإطفاء والإخماد من حيث إن الإطفاء يستعمل في القليل، فيقال: أطفأت السراج، ولا يقال: أخمدت السراج، وفي هذه اللام أوجه: أحدها: أنها تعليلية كما مر، ثانيها: أنها مزيدة في مفعول الإرادة، وقال الزمخشري: أصله يريدون أن يطفئوا كما في سورة التوبة، وكأن هذه اللام زيدت مع فعل الإرادة توكيداً له، لما فيها من معنى الإرادة في قولك: جئتك لإكرامك، كما زيدت اللام في: لا أب لك تأكيداً لمعنى الإضافة في لا أباك.
(١٢/١٢٥)


الصفحة التالية
Icon