بقوله تعالى: ﴿وأخرى تحبونها﴾ أي: ولكم إلى هذه النعمة المذكورة نعمة أخرى عاجلة محبوبة، وفي تحبونها تعريض بأنهم يؤثرون العاجل على الآجل. وقوله تعالى: ﴿نصر من الله﴾ أي: الذي أحاطت عظمته بكل شيء خبر مبتدأ مضمر، أي: تلك النعمة أو الخصلة الأخرى نصر من الله ﴿وفتح قريب﴾ أي: غنيمة في عاجل الدنيا قيل: فتح مكة قال الكلبي: هو النصر على قريش، وقال ابن عباس: يريد فتح فارس والروم. وقوله تعالى: ﴿وبشر المؤمنين﴾ عطف على محذوف مثل ﴿قل يا أيها الذين آمنوا وبشر﴾، أو على يؤمنون فإنه في معنى الأمر كأنه قال آمنوا وجاهدوا أيها المؤمنون، وبشرهم يا أشرف الرسل بالنصر في الدنيا والجنة في الآخرة.
﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ أي: أقروا بذلك ﴿كونوا﴾ أي: بغاية جهدكم ﴿أنصاراً لله﴾ أي: لدينه، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو أنصاراً بالتنوين وجر اللام من الاسم الجليل وترقيقها، والباقون بغير تنوين وتفخيم اللام. ﴿كما﴾ أي: كونوا لأجل أني ندبتكم أنا بقولي من غير واسطة ولذذتكم بخطابي مثل ما كان الحواريون أنصار الله حين ﴿قال عيسى بن مريم﴾ حين أرسلته إلى بني إسرائيل ناسخاً لشريعة موسى عليه السلام ﴿للحواريين﴾ أي: خلص أصحابه وخاصته منهم ﴿من أنصاري إلى الله﴾ أي: المحيط بكل شيء أي: انصروا دين الله تعالى مثل نصرة الحواريين لما قال لهم عيسى عليه السلام من أنصاري إلى الله، أي: من ينصرني مع الله تعالى: ﴿قال الحواريون﴾ معلمين إنهم جادون في ذلك جداً لا مزيد عليه لعلمهم أن أجابته إجابة الله تعالى، لأنه لا ينطق عن الهوى فليس كلامه إلا عن الله تعالى: ﴿نحن﴾ أي: بأجمعنا وكانوا اثني عشر رجلاً، وهم أول من آمن بعيسى ﴿أنصار الله﴾ أي: الملك الأعلى القادر على تمام نصرنا، ولو كان عدونا كل أهل الأرض.
(١٢/١٣١)


الصفحة التالية
Icon