(١٢/١٣٥)
في العرب بالشرع لما أمروا بالتقييد بالخط. وقال مالك بن أنس: الحكمة: الفقه في الدين ﴿وإن﴾ أي: والحال أنهم ﴿كانوا﴾ أي: كوناً هو كالجبلة لهم ﴿من قبل﴾ أي: قبل إرساله إليهم ﴿لفي ضلال﴾ أي: بعد عن المقصود ﴿مبين﴾ أي: ظاهر في نفسه مناد لغيره أنه ضلال باعتقادهم الأباطيل الظاهرة، وظنهم أنهم على شيء، وعموم الجهل لهم ورضاهم به واختبارهم له.
وقوله تعالى: ﴿وآخرين منهم﴾ فيه وجهان: أحدهما: أنه مجرور عطفاً على الأميين، أي: وبعث في الآخرين من الأميين، أي: الموجودين والآتين منهم بعدهم ﴿لما﴾ أي: لم ﴿يلحقوا بهم﴾ في السابقة والفصل والثاني: أنه منصوب عطفاً على الضمير المنصوب في يعلمهم، أي: ويعلم آخرين لما يلحقوا بهم وسيلحقون، وكل من تعلم شريعة محمد ﷺ إلى آخر الزمان فرسول الله ﷺ معلمه بالقوة، لأنه أصل ذلك الخير العظيم والفضل الجسيم.
تنبيه: الذين لم يلحقوا بهم هم الذين لم يكونوا في زمنهم وسيجيئون بعدهم. قال عمر وسعيد بن جبير: هم العجم، وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: «كنا جلوساً عند النبي ﷺ إذ نزلت عليه سورة الجمعة فلما قرأ: ﴿وآخرين منهم لما يلحقوا بهم﴾ قال رجل: من هؤلاء يا رسول الله؟ فلم يراجعه النبي ﷺ حتى سأله مرة أو مرتين أو ثلاثاً، قال: وفينا سلمان الفارسي، قال: «فوضع النبي صلى الله علية وسلم يده على سلمان ثم قال: «لو كان الإيمان عند الثريا لتناوله رجل من هؤلاء» وفي رواية «لو كان الدين عند الثريا لذهب به رجال من فارس» أو قال: من أبناء فارس حتى يتناوله. وقال عكرمة: هم التابعون، وقال مجاهد: هم الناس كلهم، يعني: من بعد العرب الذين بعث فيهم محمد ﷺ وقال ابن زيد، ومقاتل بن حبان: هم من دخل في الإسلام بعد النبي ﷺ إلى يوم القيامة.
(١٢/١٣٦)


الصفحة التالية
Icon