أحدها: آمنوا، أي: نطقوا بكلمة الشهادة، وفعلوا كما يفعل من يدخل في الإسلام، ثم كفروا أي: ثم ظهر كفرهم بعد ذلك، وتبين بما اطلع عليه من قولهم إن كان ما يقول محمد حقاً، فنحن حمير، وقولهم في غزوة تبوك: أيطمع هذا الرجل أن تفتح له قصور كسرى وقيصر هيهات، ونحوه قوله: ﴿يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم﴾ (التوبة: ٧٤)
أي: وظهر كفرهم بعد أن أسلموا، ونحوه ﴿لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم﴾ (التوبة: ٦٦)
والثاني: آمنوا أي: نطقوا بالإيمان عند المؤمنين، ثم نطقوا بالكفر عند شياطينهم استهزاء بالإسلام بقوله تعالى: ﴿وإذا لقوا الذين آمنوا﴾ إلى قوله ﴿إنما نحن مستهزؤن﴾ (البقرة: ١٤)
وهذا إعلام من الله تعالى بأنّ المنافقين كفار.
الثالث: أن يراد أنّ ذلك في قوم آمنوا ثم ارتدّوا ﴿فطبع﴾ أي: فحصل الطبع وهو الختم مع أنه معلوم أنه لا يقدر على ذلك غيره سبحانه ﴿على قلوبهم﴾ أي: لأجل اجترائهم على ما هو أكبر الكبائر على وجه النفاق ﴿فهم﴾ أي: فتسبب عن ذلك أنهم ﴿لا يفقهون﴾ أي: لا يقع لهم فقه في شيء من الأشياء، فهم لا يميزون صواباً من خطأ، ولا حقاً من باطل.
﴿وإذا رأيتهم﴾ أي: أيها الرسول على ما لك من الفطنة ونفوذ الفراسة، أو أيها الرائي كائناً من كان بعين البصر ﴿تعجبك أجسامهم﴾ لضخامتها وصباحتها، فإنّ عنايتهم كلها بصلاح ظواهرهم وترفيه أنفسهم، فهم أشباح وقوالب ليس وراءها ألباب وحقائق.
(١٢/١٦٣)


الصفحة التالية
Icon