﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ أي: أقروا بالإيمان، وقلوبهم مذعنة كظواهرهم ﴿لا تلهكم﴾ أي: لا تشغلكم ﴿أموالكم ولا أولادكم﴾ سواء كان ذلك في إصلاحها، أو التمتع بها بحيث تغفلون ﴿عن ذكر الله﴾ أي: الملك الأعظم حذر المؤمنين أخلاق المنافقين، أي: لا تشتغلوا بأموالكم كما فعل المنافقون؛ إذ قالوا لأجل الشح بأموالهم ﴿لا تنفقوا على من عند رسول الله﴾ وقوله تعالى: ﴿عن ذكر الله﴾ قال الضحاك: أي: عن الصلوات الخمس، نظيره: قوله تعالى: ﴿لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله﴾ (النور: ٣٧)
وقال الحسن: عن جميع الفرائض، كأنه قال: عن طاعة الله تعالى. وقيل: عن الحج والزكاة. وقيل عن قراءة القرآن، وقيل: عن إدامة الذكر، وقيل: هذا خطاب للمنافقين، أي: آمنتم بالقول فآمنوا بالقلب.
ولما كان التقدير فمن انتهى فهو من الفائزين عطف عليه قوله تعالى: ﴿ومن يفعل﴾ أي: يوقع في زمن من الأزمان على سبيل التجديد والاستمرار فعل ﴿ذلك﴾ أي: الأمر البعيد عن أفعال ذوي الهمم من الانقطاع إلى الاشتغال بالفاني والإعراض عن الباقي ﴿فأولئك﴾ البعداء عن الخير ﴿هم الخاسرون﴾ أي: العريقون في الخسارة في تجارتهم، حيث باعوا العظيم الباقي بالحقير الفاني، حتى كأنهم مختصون بها دون الناس، وذلك بضد ما أرادوا.
(١٢/١٧٠)
﴿وأنفقوا﴾ أي: ما أمرتم به من واجب أو مندوب كما قاله بعض المفسرين، وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: يريد زكاة الأموال، وهو ظاهر الأمر.


الصفحة التالية
Icon