وقيل: في الكلام محذوف، تقديره: فمنكم مؤمن ومنكم كافر ومنكم فاسق فحذف لما في الكلام من الدلالة عليه، قاله الحسن. وقال غيره: لا حذف لأنّ المقصود ذكر الطرفين، وقيل: إنه خلق الخلق ثم كفروا وآمنوا، والتقدير: هو الذي خلقكم، ثم وصفهم فقال: ﴿فمنكم كافر ومنكم مؤمن﴾ كقوله تعالى: ﴿والله خلق كل دابة من ماء﴾ (النور: ٤٥)
ثم قال تعالى: ﴿فمنهم من يمشي على بطنه﴾ (النور: ٤٥)
(١٢/١٧٥)
الآية. قالوا: فإنه خلقهم والمشي فعلهم، وهذا اختيار الحسين بن الفضل، قال: لو خلقهم مؤمنين وكافرين لما وصفهم بفعلهم في قوله تعالى: ﴿فمنكم كافر ومنكم مؤمن﴾ واحتجوا بقوله ﷺ «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه» قال البغوي: وروينا عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن أبيّ بن كعب قال: قال رسول الله ﷺ «إن الغلام الذي قتله الخضر طبع على الكفر» وقال تعالى: ﴿ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً﴾ (نوح: ٢٧)
وروى أنس رضى الله عنه عن النبيّ ﷺ أنه قال: «وكل الله بالرحم ملكاً، فيقول: أي رب نطفة، أي رب علقة، أي رب مضغة، فإذا أراد الله أن يقضي خلقها، قال: يا رب ذكر أم أنثى، شقي أم سعيد، فما الرزق، فما الأجل، فيكتب ذلك في بطن أمه» وقال الضحاك: فمنكم كافر في السرّ مؤمن في العلانية كالمنافق، ومنكم مؤمن في العلانية والسرّ، كعمار وزيد. وقال عطاء بن أبي رباح: فمنكم كافر بالله مؤمن بالكواكب، ومنكم مؤمن بالله كافر بالكواكب، يعني: في شأن الأنواء كما جاء في الحديث. قال القرطبي: وقال الزجاج: وهو أحسن الأقوال.