﴿هنالك دعا زكريا ربه﴾ أي: في ذلك المكان أو الوقت، قال الزمخشريّ: قد تستعار هنا، وثم وحيث للزمان أي: لمشابهة الزمان للمكان في الظرفية فاستعير له فدخل زكريا المحراب وناجى ربه في جوف الليل ﴿قال﴾ يا ﴿ربّ هب لي﴾ أي: أعطني ﴿من لدنك﴾ أي: من عندك ﴿ذرية طيبة﴾ كما وهبتها لحنة العجوز العاقر أي: ولداً مباركاً تقياً صالحاً رضياً، والذرّية يكون واحداً وجمعاً ذكراً وأنثى وهو هنا واحد بدليل قوله: ﴿فهب لي من لدنك ولياً يرثني﴾ (مريم، ٦) وإنما قال طيبة لتأنيث لفظ الذرّية ﴿إنك سميع﴾ أي: مجيب ﴿الدعاء﴾ لمن دعاك فلا تردّني خائباً ﴿فنادته الملائكة﴾ أي: جنسهم كقولهم: فلان يركب الخيل فإنّ المنادى كان هو جبريل وحده، وقرأ حمزة والكسائيّ فناداه بالإمالة والتذكير، والباقون بالتاء ﴿وهو قائم يصلي في المحراب﴾ أي: المسجد وذلك أنّ زكريا كان هو الحبر الكبير الذي يقرب القربان ويفتح باب المذبح فلا يدخلون حتى يأذن لهم في الدخول فبينما هو قائم يصلي في المحراب والناس ينتظرون أن يؤذن لهم في الدخول، فإذا هو برجل شاب عليه ثياب بيض، ففزع منه فناداه وهو جبريل.
(٢/٩)