واختلف في سبب نزول قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم﴾ أي: وإن أظهرن غاية المودة ﴿وأولادكم﴾ أي: وإن أظهروا غاية الشفقة ﴿عدواً لكم﴾ فقال ابن عباس: نزلت بالمدينة في عوف بن مالك الأشجعي شكا إلى النبي ﷺ جفاء أهله وولده فنزلت ذكره النحاس، وحكاه الطبري عن عطاء بن يسار قال: نزلت سورة التغابن كلها بمكة إلا هؤلاء الآيات ﴿يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم﴾ فإنها نزلت في عوف بن مالك الأشجعي كان ذا أهل وولد، وكان إذا أراد الغزو بكوه ورققوه، وقالوا: إلى من تدعنا فيرق فيقيم، فنزلت هذه الآية إلى آخر السورة بالمدينة.
وروى الترمذي عن ابن عباس وسئل عن هذه الآية قال: هؤلاء رجال أسلموا من أهل مكة، وأرادوا أن يأتوا النبي ﷺ فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم يأتوا النبي ﷺ فلما أتوا النبي ﷺ رأوا الناس قد تفقهوا في الدين، فهموا أن يعاقبوهم فأنزل الله تعالى هذه الآية، حديث حسن صحيح.
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: «إن الشيطان قعد لابن آدم في طرق الإيمان فقال له: أتؤمن وتذر دينك ودين آبائك فخالفه فآمن، ثم قعد له على طريق الهجرة فقال له: أتهاجر وتترك أهلك ومالك فخالفه فهاجر، ثم قعد له على طريق الجهاد فقال له: أتجاهد فتقتل نفسك فتنكح نساؤك ويقسم مالك فخالفه فجاهد فقتل، فحق على الله أن يدخله الجنة».
وقعود الشيطان يكون بوجهين: أحدهما: يكون بالوسوسة، والثاني: أن يحمل على ما يريد من ذلك الزوج والولد والصاحب قال تعالى: ﴿وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم﴾ (فصلت: ٢٥)
(١٢/١٩٠)


الصفحة التالية
Icon