ولما كان نظر الشارع إلى العدة شديداً صرح بصيغة الأمر فقال تعالى: ﴿وأحصوا﴾ أي: اضبطوا ضبطاً كأنه في إتقانه محسوس ﴿العدة﴾ ليعرف زمان الرجعة والنفقة والسكنى، وحل النكاح لأخت المطلقة مثلاً ونحو ذلك من الفوائد الجليلة ﴿واتقوا﴾ أي: في ذلك ﴿الله﴾ أي: الملك الأعظم الذي له الخلق والأمر ﴿ربكم﴾ أي: لإحسانه في تربيتكم في حملكم علي الحنيفية السمحة ورفع جميع الآصار عنكم ﴿لا تخرجوهن﴾ أي: أيها الرجال في حال العدة ﴿من بيتوهن﴾ أي: المسكن التي وقع الفراق فيها، وهي مساكنهن التي يسكنها قبل العدة، وهي بيوت الأزواج، وأضيفت إليهن لاختصاصها بهن من حيث السكنى.
(١٢/١٩٩)
وقرأ ورش وأبو عمر وحفص بضم الباء الموحدة، والباقون بكسرها ﴿ولا يخرجن﴾ أي: من بيتوهن حتى تنقضي عدتهن ولو وافق الزوج على ذلك، وعلى الحاكم المنع منه لأن في العدة حقاً لله تعالى، وقد وجبت في ذلك المسكن. وقوله تعالى: ﴿إلا أن يأتين بفاحشة مبينة﴾ مستثنى من الأول، والمعنى إلا أن تبدو على الزوج فإنه كالنشوز في إسقاط حقها.


الصفحة التالية
Icon